يواجه المسلمون هجوما عنيفا على دينهم، تشكيكا واستهزاء، وليته كان من الخارج، بل من أبناء جلدتنا، ممن يتكلمون بألسنتنا، جرأهم تعطيل الحدود الشرعية الرادعة، وانشغال المسلمين بأمور دنياهم، وخفوت صوت الغيورين.
لنقارن حالنا الآن بزمن العزة والتمكين، زمن الخليفة العباسي المهدي الذي أنشأ ديوانا خاصا بالزنادقة والملاحدة لتتبعهم، وقتلهم صيانة للدين، ولا غرابة فمن قبله أبوه أبوجعفر المنصور قتل خلقا كثيرا من الزنادقة وصلبهم، وأوصى المهدي ابنه وخليفته من بعده موسى الهادي بقتل الزنادقة، ولهذا وصف الذهبي المهدي بقوله «قصابا في الزنادقة، باحثا عنهم»، وقال السيوطي في تاريخ الخلفاء «تتبع الزنادقة وأفنى منهم خلقا كثيرا» ومشكلتنا هي أن الرافضين لعقوبة هؤلاء الجهال المتطاولين على الله ورسوله وثوابت الدين يخشون الغرب وسطوة إعلامه، ويخافون ملاحقة جمعياته الحقوقية الزائفة، ولا يراقبون الله في قراراتهم، ونحن لا نريد منهم الكثير، نريد أن يخاف المواطن والمقيم في شعوبنا العربية من سب الله وآياته ورسوله كخوف المشكك بهولوكست في أميركا، أو كخوف انتقاص أتاتورك في تركيا، أو الخامنئي في إيران وحسب، مع الفارق، لأن عذاب الله أشد وأبقى.
أخيرا: ذكرت كثير من كتب التفسير قصة صبيغ العراقي الذي أكثر من التنطع في الدين، والسؤال عن المتشابهات، فأتي به إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فعنفه، وضربه بالدرة، وجلده بالجريد عدة أيام، حتى قال صبيغ لعمر «إن كنت تريد قتلي، فاقتلني قتلا جميلا، وإن كنت تريد أن تداويني، فقد والله برأت»، فنفاه إلى العراق، وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ألا يجالسه أحد من المسلمين، فاشتد ذلك على الرجل، فكتب أبو موسى إلى عمر أن قد حسنت توبته، فكتب عمر «أن ائذن للناس بمجالسته»، فكم نحن بحاجة إلى درة كدرة عمر الفاروق تعيد إلى هؤلاء المخبولين عقولهم، وتبرئهم من سقم الإلحاد والتنطع والتشدق الذي أصابهم.
dhari_almutairi@