كل يوم لدينا جديد من الفتاوى التي ما انزل الله بها من سلطان، وكل يوم يخرج لنا مفتر جديد، نكرة في بلاط العلم والعلماء، برأي مخالف لابسط قواعد الدين، يروج قولا شاذا لا يقوم على ساق صحيحة ولا عرجاء، فتوى تخرج من هنا، فيتلقفها إعلام الفساد والرذيلة والتكسب المادي من هناك، ويطبل لها اصحاب الحناجر والاقلام الليبرالية، الذين يعظمون التخصص الا في الشريعة الاسلامية، فحقك مكفول عندهم بالخوض في بحر الشريعة دون مؤهل.
وفي ظل انتشار الفضائيات والصحف صارت فتيا الجاهل والمغمور اسرع وسيلة لشهرته، والالقاب المصطنعة جاهزة له، فحرف «الدال» يكفي، ومسمى «اعلامي» يلبي الحاجة، ولقب «مفكر اسلامي» اللقب الارخص وغير المكلف، و«مثقف» لقب لديهم منه النسخ الكثيرة في المخازن.
توقع ان ترى كل يوم تشكيكا في امور مسلمة بالفطرة قبل ان تكون معلومة من الدين بالضرورة، لقد رأينا من يقول «النقاب ليس من السنة»، و«الحجاب ليس من الاسلام»، و«تحريم الاختلاط بين الجنسين لم يرد بالشريعة»، و«اغلاق المحال التجارية لاداء الفريضة بدعة»، وتأتيك هذه الترهات بقالب اختراع ديني، او اكتشاف شرعي، عجزوا عن صناعة الطائرات، واكتشاف الامصال الطبية، فوجدوا بغيتهم في الدين مع غياب حراسه.
حقا، الدين وأهل الدين يعيشون غربة في ظل إعلام يروج الخرافات والبدع والانحرافات، ويشكك في الثوابت ويزدري علماء الشرع، وعزاؤنا في ذلك قول المصطفى صلى الله عليه وسلم «بدأ الاسلام غريبا، وسيعود كما بدأ غريبا، فطوبى للغرباء»، وما يخفف المصاب من جرأة الكثيرين على تشويه الشريعة قول الله عز وجل (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون)، فلن تستطيع الفضائيات العملاقة، ولا الصحف العالمية، ولا الاقلام الشهيرة خلط الحق بالباطل في نهاية الامر، فان الحق ابلج والباطل لجلج، وان بدا لنا ان لهم تأثيرا، فتأثيرهم على مرضى القلوب وأصحاب الهوى والمتتبعين للمتشابه وحسب.
لفتة: بعضهم يجعل معيار الاعلام الحر الجرأة على الدين وليس شيئا غير ذلك، عبر تنقص العلماء ونشر الشاذ من الفتاوى، وليس ادل على ذلك من تبجح بعضهم بمساحة الحرية الكبيرة الصحافية في دولة خليجية ترفع راية التوحيد مؤخرا، فاذا بحثت لم تر الا انهم زادوا من جرعة ازدراء شعيرة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتنظيم حملات هجوم على علماء كبار، والافتراء على الدعاة المشاهير.
dhari_almutairi@