ضاري المطيري
سمعنا من ينادي في خضم المعارك الانتخابية إلى تعزيز معاني الديموقراطية وذلك بتوسيع دائرة تبادل المسؤولية بين جميع أفراد الشعب، فسمعنا من نادى بعدم احتكار الوزارات السيادية كالخارجية والداخلية والدفاع على أبناء الأسرة الحاكمة، والسؤال هو هل سنسمع من ينادي ويطالب بعدم احتكار وزارة التربية على تيار سياسي واحد؟ وهل يقتصر تدوير مسؤولية الوزارات السيادية على تنازل أبناء أسرة آل الصباح الكريمة دون بعض التيارات السياسية الأخرى الموجودة في الساحة، بالطبع فوزارة التربية محرمة على أي تيار إسلامي كحرمة شرب الخمر أو أشد، والعجيب مع هذا كله أن نسمع من يتهم مناهج وزارة التربية بترويج الإرهاب والتكفير، بل زعم بعضهم أن بعض الكتب المدرسية تعلم الطفل تكفير والدته إذا كانت غير محجبة، فمن أين أتى هذا الخلل إن وجد حقا؟ ومن المسؤول عنه؟ هل هو الوزير المعني أم التيارات الإسلامية التي يحرم عليها مجرد الاقتراب من سياج وزارة التربية؟
كان لي مقال بعنوان «حقيقة حب الإبداع عند الليبراليين والإسلاميين» نشر في «الأنباء» الغراء يوم 7 من الشهر الجاري، أوضحت فيه أن الأعضاء الإسلاميين في مجلس 2008 هم الأكثر حصادا للشهادات العليا بجميع تفرعاتها مما يؤكد أنهم هم الأقدر من غيرهم على تولي الكثير من الوزارات المهمة كالتربية والإعلام والأوقاف والصحة، وعلى ضوء ذلك المقال أرى أن إعطاء الإسلاميين زمام وزارة التربية سيحل بإذن الله معظم تلك الإشكاليات والشبهات حول ظاهرة التكفير، حيث لم يتصد لفرقة الخوارج المارقة عبر التاريخ سوى علماء الدين، فأهل الإسلام هم من حاربوا التكفير في مهده واستأصلوه من جذوره وحاربوه وشدوا عيه الوثاق، والتاريخ برهن على أنهم هم الأشد على أصحاب الفكر التكفيري من فضح لحججهم وكشف لعوارهم ومحاربتهم بالمال والنفس، وذلك بأساليب شرعية سديدة لا بأساليب البعض الملتوية والعوجاء في محاربة الدين وزج الأبرياء من المصلين إلى زنزانات الظلام والوحدة بدعوى محاربة الإرهاب وتهييج التكفيريين من الجانب الآخر، فولدوا من هاتين الحصيلتين إرهابا حقيقيا حاقدا على البشرية، ولعل اقتراحنا هذا إذا رأى النور وفتح الباب للتنقيح القويم أن يغير آراء البعض في المطالبة بإلغاء التربية الإسلامية من بقائها.
قُدمت قبل فترة دراسة إلى وزارة التربية، كما نشرت الصحف، تفيد بأن هناك ارتباطا بين بروز ظاهرة الجنس الثالث وعملية تأنيث الهيئة التدريسية في المدارس الابتدائية وحذرت الدراسة من الاستمرار في التوسع بعملية التأنيث وطالبت بالعودة إلى النظام السابق، حيث يتولى تعليم الأطفال الذكور معلمون والبنات تتولى تعليمهن معلمات، كما لاحظت الدراسة أن الأطفال الذكور يتطبعون بشكل واضح بسلوكيات وتصرفات تصدر عن معلماتهم ويقلدونها، ويزيد ذلك عدم قيام الأسرة بدورها الكامل في تربية هؤلاء، لاسيما الأهالي الذين يضعون مسؤولية الصغار بيد الخادمات، وتؤكد هذه الدراسة التي أعدها فريق عمل متخصص أن ظهور الجنس الثالث بشكل لافت تزامن مع بدايات تطبيق تأنيث الهيئة التدريسية في المدارس، ما يعد عاملا مساعدا في بروز هذه الظاهرة، وبعد هذه الدراسة بأيام عملت إحدى الصحف استبيانا كانت نتيجته توضح أن أكثر من 62% من العينة المشاركة تؤيد الدراسة السابقة، بالطبع هذه الدراسة لم تخرج من لجنة في وزارة الأوقاف أو من بعض الدارسين في جمعية إحياء التراث الإسلامي أو هيئة مشكلة من أساتذة كلية الشريعة الإسلامية، إنما خرجت من أناس مختصين محايدين، فهل نفهم من هذه الدراسة أن أصحاب فكرة تأنيث مدارس الابتدائي كانوا أصحاب قرارات عفوية أو أنهم يريدون أن يجعلوا من أبنائنا مجرد فئران تجارب لتستفيد منها دول الخليج المجاورة، فكفانا تجارب وعلينا بالاتعاظ بالآخرين، فالعمر قصير لعمل جميع التجارب التي تخطر بالبال، والله المستعان.