سلكوا معنا مسلك التدرج، ولا عجب فشيخهم هو إبليس أبو الخطوات، «ولا تتبعوا خطوات الشيطان»، ألزمونا بإخراج بناتنا من بيوتهن لأجل العلم والثقافة، والنتيجة أن صار التعليم الآن ضرورة تبيح المحظورات من اختلاط وخلوة وسفر بلا محرم، وأصبح نزع النقاب الشرعي شرطا للقبول الدراسي، وصارت الشهادة الجامعية والراتب الوظيفي أولى من الزواج والعفاف والاستقرار، خرجت المرأة ولم تعد، ضاعت بين حقها في التعليم، وحقها السياسي، وحقها في القيادة والعمل، وحقها في المنافسة الرياضية، ونسوا حقها في الأمن والسكينة والكرامة.
خدعونا فقالوا نريد قوانين وضعية فيما سكتت عنه الشريعة الإسلامية وحسب، خدرونا بقول «الشريعة مصدر رئيسي في التشريع»، ثم بدأت هذه القوانين البشرية تزحف وتزاحم الشريعة شيئا فشيئا، وتنقض ثوابت الدين، وبدأت تقدم عليها صراحة، وتعارضها وقاحة، ووصل الأمر لمحاربة الدارسين لها، فحرم خريج الشريعة من شغل الوظائف القانونية، وهل الشريعة إلا قوانين؟ فليس القرآن فقط قصص للعبرة، أو أسماء وصفات لرب العالمين، بل فيه أحكام نزلت للتعبد وللتطبيق، لنعلم أن منع خريج الشريعة عن الوظائف القانونية ليس بداعي التخصص، فحكومتنا لم تعرف يوما معنى التخصص، الوحيد الذي يعمل بتخصصه هو المفسد الذي تسلم أمانة حفظ المال العام، يعني مهندس يصير وزير صحة؟ أو صوفي يصير وزير أوقاف وشؤون إسلامية؟ هذا يحدث فقط في الكويت.
أخي قبل أن يكون زميلي ذعار الرشيدي غفل في مقالته «صيدلي الشريعة وطبيب القانون» عن حقيقة تعمد البعض التضييق على خريج كلية الشريعة، أقولها لك على البلاطة «لو كان بيدهم لأغلقوا كلية الشريعة اليوم قبل بكرة»، كم مرة قرأت التهديد بغلقها أو بضمها لكلية الحقوق؟ قارن بين مبنى الكلية الضيق وكليات جامعة الكويت لتدرك السخط الذي نالها.
أخي الكبير ذعار الذي أستمتع بكتاباته، وأعجب بأسلوبه، وأحسن الظن به دوما، تأمل هذه المفارقة، خريج القانون الصيني يوظف باحثا قانونيا في الكويت بعكس خريج الشريعة الدارس للقانون الإلهي، (تلك إذن قسمة ضيزى)، ثم انظر أيضا إلى صحيفة التخرج لكلية الشريعة والحقوق لتدرك التشابه الكبير بينهما، رغم أن مصدر الأولى رباني لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والأخرى مصدرها فرنسي، وشتان ما بين الثرى والثريا، ولئن كنا رأينا اليوم شعار «الحقوق للحقوقيين»، فغدا سنسمع «التربية للتربويين»، وقد تتطور الأمور فلا يبقى إلا شعار «الدروشة للشرعيين».
لفتة إعجازية: دائما يعتذر إخواننا الحقوقيون المنصفون، ويخفضون رؤوسهم خجلا وحسرة فيقولون «عفوا هناك نقص تشريعي»، «مهلا هناك ثغرة قانونية»، «عذرا هناك تفسير دستوري متعارض»، بينما المشرع للقانون الرباني، الله جل في علاه يتحدى فيقول في مطلع الدستور الكريم (ذلك الكتب لا ريب فيه)، ويؤكد في موضع أخر فيقول (ومن أحسن من الله حكما).
dhari_almutairi@