ضاري المطيري
لقد بلغت اللوعة والأسى شدتهما عند بعض أنصار «حدس» مما رأوه من الأقلام التي عبرت عن فرحتها العفوية لإصلاحات الوزير الحريتي الجريئة في وزارة الأوقاف، إلى حد أن زعم أحدهم أن تنظيم السلفيين والعلمانيين في خندق واحد، والله يقول (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون).
لماذا كل هذا الحزن والضيق عند البعض على إعفاء داعية عربي أدى مهمته وغادر معززا مكرما؟ ولماذا لم نر كل هذا الحزن والضيق مثلا على انقطاع الكهرباء عن مستشفيات الكويت أو عن القضايا الشعبية والإنسانية المعلقة.
لقد أبدى لي البعض أسفه على ما كتبت حول مباركتي لإصلاحات الوزير الحريتي في إعفائه للبشير ونفضته للوزارة وعزمه للالتفات إلى تجاوزات الأمانة العامة للأوقاف، لكني أقول هذا الأسف والتحسر وهذا الألم أتى متأخرا، ومتأخرا جدا، بل وفي غير وقته بالمرة، فأين أنتم من تجاوزات مركز الوسطية حين تحدث الناس عنها؟ ألم يخش محبو البشير من تزعزع صورته بين محبيه ومتابعيه؟ تتكلمون بعد ما «طاح الفاس بالراس، وبعدما شربت مروقها»، ثم إلى متى البقاء على المنصب والتشبث بالكرسي؟ وصدق القائل «لو دامت لغيرك ما اتصلت إليك»، إن الأقلام والأصوات التي ابتهجت بإصلاحات الحريتي إنما عبرت عن مكنون صدورها بكل صدق لما رأته عبر ثلاث سنوات من إهدار لأموال كان من المفترض أن تصرف في أعمال دعوية ناجحة وما أكثرها في الكويت.
أين المتباكون على إعفاء البشير من حادثة فصل الثلاثين إماما وخطيبا كويتيا في عهد الوزير السابق عبدالله المعتوق، عفا الله عنه، والغريب في الأمر أن القانون الذي استند إليه في فصلهم آنذاك تم إلغاؤه بعد سنوات من الظلم والحيف، فما الفائدة التي عادت إلينا من فصل ثلاثين داعية كويتيا بدلا من تشجيعهم والشد من ازرهم؟ الكويتي ابن البلد أولى و«دهننا في مكبتنا»، لكنها الحقيقة المرة وهي الحزبية المقيتة التي أعمت البعض عن أولوية الدعوة إلى الله وأولوية تشجيع العناصر الكويتية.
أتمنى على الإخوة في «حدس» ادخار كتاباتهم للدفاع عن الداعية الفاضل د.يوسف القرضاوي المحسوب على جماعة الإخوان، العالم الذي انقلبت منزلته عند البعض في يوم وليلة بسبب تصريح واحد يثبت ويدلل على مدى شفافيته، علاوة على أن تصريحه في الأصل يناهض سياسة إيران أكثر من مناهضته لمتطرفي الطائفة الشيعية، فالداعية القرضاوي أولى بالدفاع وخاصة في مثل هذا الوقت.
لقد رأيت رسائل تتساقط تباعا على بعض كتاب سلفيين مرسلة من إخوة لهم وزملاء من جماعة حدس تطالب بالكتابة في الدفاع عن القرضاوي، لكننا نقول نحن كسلفيين لا ندافع من أجل حزب أو أصدقاء أو أناس تربطنا معهم صداقة إنما ندافع عن كل داعية صادق متجرد من حظوظ الدنيا، ثم لماذا الآن يتوجب علينا الدفاع عـــن العلمـــاء والدعــاة؟
فقبل أسابيع رأينا السباب والشتائم والهمز واللمز المنظم والمسترسل تباعا على علماء أجلاء من المملكة العربية السعودية بالتحديد ولم نر من يرد أو يدافع، الآن الشيخ القرضاوي يحسب على جماعة الإخوان فقط؟ إذن فلنتبادل الآن الأدوار والأماكن، فليدافع الإخوان عن شيخهم القرضاوي حتى يتهموا بالتكفير وإشعال نار الفتنة، وليأخذ السلف بالمقابل موقف المتفرج للسلامة ودور الوسطية المزعوم، وجاكم الدور يا «حدس»، اللهم إنا نعوذ بك من خلق من إذا خاصم فجر.