ضاري المطيري
لدينا في الكويت أكثر من مواطن بمؤهل تعليمي عال جدا، وبتخصصات مطلوبة ومهمة فلماذا لا يستفاد منهم؟ ولماذا لا يشجعون ويشد من أزرهم؟ ولماذا لا يجدون المكافأة والرعاية من الدولة؟ ما العيب في كون جميع أهل الكويت دكاترة مثلا؟ ترى العلم نور، ولا يكن البعض مصدقا لمقولة «العلم نور والنور من الكهرباء والكهرباء خطر فلماذا إذن نتعلم؟» ترى هذه المقولة نكتة من النكات ونادرة من النوادر، وإلا فالعلم والله زين.
لي علم ودراية بحكم ترددي الكثير على الجامعة بأن الأستاذ الكويتي الجديد يمثل عبئا على زميله الأستاذ الكويتي الآخر، فالدكتور الجديد يطمع في الترقي بالمناصب ويحرص على الحصول على الحوافز الكثيرة من السفرات والمشاركة في اللجان، فلماذا يوجع أعضاء الإدارة الجامعية رؤسهم بمثل هذا الطموح؟ أضف إلى ذلك أن الجامعة وخاصة الكليات العلمية منها تحتاج إلى بحوث دورية تصدر منها كل سنة باسمها كي تنال المصداقية بحسب المعايير العالمية، بينما المواطن الكويتي بصفة عامة يحب أن يكبر وسادته ويتشقلب على كرسيه وينافس على المناصب الإشرافية، فتكون النتيجة ضرورة وجود دكتور أو أستاذ وافد يقوم بالمهمة ويغطي على كسل وخمول البقية، فلو أن كل أستاذ كويتي كان يقوم بواجبه على أكمل وجه لتم الاستغناء عن الوافد لحساب المواطن ولزاد عطاء الجامعة أكثر وأكثر. السالفة باختصار: حسد، مقيولة، وقالها صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد «الحسد أخّر بناء الكويت»، ونحن ما ذبحنا في الكويت وعطل مسيرتنا مثل الحسد.
البعض يزعم أن شهادات الإخوة في «تجمع الدكاترة العاطلين» غير معترف بها في الكويت، أو أنها مستخرجة من دول عربية غير معروفة بمنح مثل هذه الشهادات الكبيرة، فنقولها بالمصري «فضوها سيرة» أي رجل حاصل على شهادة غير رسمية وغير معترف بها فلا تصدقوها أصلا ولا تجاملوهم ابتداء، بل صارحوهم وأخبروهم بالحقيقة، فكيف تصدق شهادة في الخارجية أو في التعليم العالي ثم لا يعترف بها ولا يلتفت إليها في الجامعة أو في التطبيقي؟ يا إخوة نحن جميعا ضد من يأتي بشهادة مزورة وضد من يشتري مسمى «الدال» لمجرد أن يقال له د.فلان، لكن أيضا لا يجوز أن نرفع من يعجبنا فوق رؤوسنا ونقول له «يا هلا ويا مرحبا»، ومن لا يعجبنا نجعل منه نصابا وحراميا ونقول له «امسك الباب وعطنا عرض أكتافك»، وأما القادم بشهادة مستخرجة من مصر أو الأردن أو غيرها من الدول العربية والأجنبية فلا يعتبر هذا عيبا فيها وليس فيه دلالة نقص، والدليل أن معظم الدكاترة الحاليين قد تخرجوا في جامعات تلك الدول فلم ينقص ذلك من شأنهم، أضف إلى ذلك أن هناك من حصل على شهادة ماجستير ودكتوراه ومن جامعة الكويت نفسها ومع ذلك لم يوظف فيها ولا في التطبيقي، فهل هذا يعني أنه لا الجامعة ولا التطبيقي تعترف بجودة مخرجاتها؟ وأما إن كان الأمر مرتبطا بالبعثة فأولا هؤلاء قد وفروا على الدولة كلفة الدراسة ومصاريف المبتعث الكثيرة، علاوة على أن الحصول على البعثات لا يخلو في الغالب من الواسطة أو لزوم أن يكون المتقدم لها من عائلة كبيرة وعروقها بالماي يعني بالعربي عيال المناطق الخارجية أفلسوا، لذلك إذا أتاهم صاحب الشهادة قالوا له «من قال لك تدرس واحنا ما ابتعثناك، يعني من طقك على يدك وقال لك ادرس؟» الظلم والحيف على الإنسان والتفاضل غير المشروع بين الناس ينخر في صرح الوطنية ويزعزعها من أركانها، فكيف يكون للمواطن ولاء لأناس لا يرونه شيئا، بل يرون في حصوله على الشهادة العالية طلبا لاقتسام رزقهم كما يزعمون؟! الكويت بلد القانون والقانون قد يفرق بين المواطن وأخيه الوافد في بعض الميزات والحيثيات، لكنه قطعا لا يفرق بين المواطن والمواطن الآخر بأي حال من الأحوال مادامت المؤهلات واحدة.
حاولت بهذه السطور القليلة تسليط الضوء على الظلم الواقع على فئة من الشباب الكويتي الطموح، ونقاش أكثر الشبهات التي ترمى بها مطالبهم، كما حرصت على ذكر حقيقة رفض أصحاب الشأن وعدم إنصاتهم إلى المطالبين من وجهة نظري الخاصة راجين من المولى عز وجل أن تجد هذه الكلمات آذانا صاغية.