ضاري المطيري
نائب يستند في رأيه الذي اختاره وهو حرمة بيع الدين بدين إلى فتوى العلامة ابن العثيمين فيرد عليه نائب آخر بأن ابن العثيمين توفي منذ سنوات طويلة، وما يدري المسكين أن من نهى عن بيع الكالئ بالكالئ نفسه قد توفي منذ قرون طويلة وليست مجرد سنوات معدودة، وهو النبي الكريم ( صلى الله عليه وسلم ).
إذ إن الأمر لا يتوقف على الحياة والوفاة، فمازال المسلمون يستندون في فتاواهم إلى علماء بلت عظامهم في القبور تحت التراب لكن الله أبقى ذكرهم وعلمهم إلى اليوم.
ليست المشكلة في نقاش من يطلب الدليل المحسوس ويقف عند الشواهد المرئية والمسموعة، فهذا يمكنك مقارعته الحجة بالحجة وإلجامه بالبينة إن كنت على حق فيما ذهبت إليه وكان هو عاقلا يطلب الحقيقة، لكن المشكلة الحقيقية فيمن يبني أحكامه على ظنون وأوهام ويحكم على النوايا والمقاصد فهذا لا يمكنك مجادلته، والسلامة تكمن في تركه والانصراف عنه.
مشكلتنا حين يفتي كل نائب ملتح وكل قارئ لكتاب، مصيبتنا حين يختفي من قاموسنا شيء اسمه الورع والخوف من الله، بلاؤنا حين تستهوينا الأهواء وتغوينا الغوغاء وتسيرنا، تكمن المشكلة يا إخوة حين يظن بعضنا أن أكل الحرام لم ولن يسلم منه أحد، وأن الربا داخل لا محالة في كل بيت مسلم، واننا لسنا أفضل من الناس ولا أخوف من الناس ولا أورع من الناس، إن أحسن الناس أحسنّا وإن ظلموا ظلمنا.
ما أسهل أن يتثبت المسلم من أخيه حين يبلغه السوء عنه، وما أجمل أن يحسن المسلم الظن في إخوانه، وما أجرأ وأصلب الرجل الذي يذب عن عرض أخيه بالغيب، وما أحسن أن يقف المسلم إلى ما قد بلغه ووصله من أحكام الدين، فعن عبدالله بن مسعود ( رضي الله عنه ) أنه قال «قد أحسن من انتهى إلى ما قد سمع»، اللهم إنه بلغنا أن نبيك ورسولك محمدا ( صلى الله عليه وسلم ) قد نهى عن بيع الكالئ بالكالئ أي بيع الدين بالدين اللهم فألهمنا رشدنا لننتهي إلى ما قد بلغنا.