ضاري المطيري
أنا لا أملك منزلا أو شقة ملكا خاصا ومستقلا، بل ولا سيارة، فسيارتي سأبيعها في الأيام القادمة سكرابا، وكفاكم الله شر حوادث الاصطدام، وحالي هذه كحال بقية المواطنين الكويتيين الذين تنتهي معاشاتهم قبل نهاية الشهر بأسبوع أو أسبوعين، فراتبي يخصم منه شهريا 500 دينار تقريبا بغض النظر عن ما أدفعه من إيجار نظير سكني، فإذا ما أسقطت القروض فلن أستفيد شيئا لأني في المراحل الأخيرة من تسديد قروضي، بمعنى أنه لن تحل لدي أزمة البيت ولا السيارة ولا المصروفات الأخرى، إنما ستكون المحصلة أن أتفرج على من كان أذكى مني وأشترى سيارة فارهة ومنزلا واسعا لأنه محتاج وما أكثر الناس الذين هم في حالتي وأسوأ، والحمد لله على كل حال فالقناعة كنز لا يفنى.
إن سألتني عن رأيي الشخصي في إسقاط القروض كلية أو إقتصار الأمر على إسقاط فوائدها أو حتى عن ضمان الودائع أو عن قانون الانقاذ المالي المزمع إقراره فإني أرى فيها الغبن وعين الظلم، فهي مشاريع لا تخلو من عنصر الربا والتشجيع عليه ولو بشكل غير مباشر، ورأيي هذا هو ما تطمئن إليه نفسي وما أفتاني به من أثق بعلمه، مع ذلك كله ورغم استماعي إلى فتاوى أناس كرام تخالف ذلك فإني لا أجد سبيلا إلا احترامهم، بل إني أحيي فيهم مبدأ الحرص على الشريعة والسعي للاحتكام إليها.
ومع للأسف فالإخوة في الحركة السلفية العلمية أصابهم ضيق أفق في تقبل الآراء الأخرة، وإعتراهم ضيق صدر على اجتهادات إخوانهم، فحكموا على النيات ونصبوا أنفسهم قضاة على مقاصد الناس وألقوا بحسن الظن وراء ظهورهم، فاتهموا خصومهم بالكذب مرة وبالسعي خلف المصالح الشخصية مرة أخرى، فبالأمس القريب كانت الحركة تدندن على التهوين من الخلاف في أمور الحاكمية رغم حساسية الأمر وأثره على الأمة، ويروجون لمذهبهم بالزعم أنها مسألة غير محسومة شرعا فيسوغ الاختلاف فيها، بينما نرى منهم اليوم ضيق الصدر في فهم فتوى عالم أو رأي نائب لتكون النتيجة الطعن في النيات التي لا يعلمها إلا الله.
لا أفهم كيف يرى البعض أن الحكم بغير ما أنزل كفر وشرك على كل الأحوال دون تفصيل رغم ما لهذا القول من توابع خطيرة ويطلبون الاعتذار لهم، بينما في قضايا الأموال لا يمكن لهم أن يسكتوا ولو لحظة لينصتوا إلى الرأي الأخر ويستمعوا إليه بكل حيادية مغلبين حسن الظن، والسؤال مرة أخرى هو لماذا يسوغ الخلاف هنا ولا يسوغ هناك؟ لماذا لا يسوغ في أمور البطون ما يسوغ في أمور الدماء؟
أنا أحترم بورمية في دعواه لشرعية ما ذهب إليه وحرصه على التزام الدين فيما يتبناه من اقتراحات وكذلك السلطان، فموقف بورمية الصلب في معارضة قانون حقوق المرأة السياسية لا ينسى ويسجل له، لكن لنا في النائبين محمد هايف وخالد السلطان مثال طيب لأدب الاختلاف فبالرغم من تباين رأيهما في قضية القروض فلم نر منهما تجريحا للأخر.