بعض الكتاب ممن نحسبهم على خير أوردوا بعض الاعتراضات على سؤال النائب محمد هايف لوزارة الأوقاف حول مواصفات «الحجاب الشرعي»، وكان اعتراضهم يدور حول أن السؤال والفتوى جرأت البعض على التعدي على الثوابت الإسلامية، وأخرجت لنا مفتين جددا يزعمون أن قضية حجاب المرأة خلافية، بل ليس هناك أصلا دليل على مشروعية الحجاب، فنقول لمثل هؤلاء كفاكم تخذيلا، وليعمل كل على ثغره حتى لا يأتي العدو من قبله، فرغم كوني لا أعلم حقيقة ما في قلب النائب الفاضل بوعبدالله، ولا أعلم أهداف سؤاله بالتحديد والتفصيل إلا أنه يكفي أن سؤاله كشف المستور، وأبطل زعم الليبراليين بتطبيقهم القوانين واحترامها، كما حسم معنى وتفسير الضوابط الشرعية رغم معرفة العقلاء بمعناها، بالإضافة إلى إحراج من كان يتذرع برد الفتاوى الشرعية لكونها أتت من الخارج ومن جهة غير رسمية.
من فترة إلى أخرى يجدد علينا البعض طرح شبهة هزيلة على من يريد تطبيق شرع الله في أرضه، فيقولون أي شريعة تقصد، سنية أم شيعية؟ حنبلية أم شافعية؟ سلفية أم إخوانية؟، وكأن الدساتير الأرضية مجمع عليها ولا خلاف فيها، وكأننا لا نسمع بين الفينة والأخرى من يطالب بتفسير نص دستوري، وآخر يطالب بتعديل لائحة، وآخر يرى في قانون ما مخالفة أو تناقضا، وآخر وآخر، والله يقول (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا). الحل في اتباع الكتاب والسنة الصحيحة، والعمل بالثوابت، فكل المذاهب التي ذكرت آنفا متفقة على وجوب حجاب المرأة وأهمية الدين والأخلاق في حياة الناس، فنحن نحيلكم إلى هذه الثوابت، والأمور الخلافية نرجعها إلى العلماء ويحسمها ولاة الأمر (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، وأما الزعم بأن الدين كله أمور خلافية فهو زعم ناتج عن سوء ظن بالله، كما أن فيه اتهاما صريحا في ظلم الرب لعباده وتكليفهم ما لا يطيقون سبحانه وتعالى.
ضاعت قضية البدون في هذا المجلس، فليس هناك فكرة جدية للتجنيس أصلا، بل هناك توجه لسحب الجنسيات عن طريق الطعن في الولاءات، أو بما يسمى بمزدوجي الجنسية، وإن كان هناك توجه بالتجنيس فسيكون الحظ الأوفر منه للمغنين والطقاقات، ولا عزاء لأبناء الشهداء والأسرى والعسكريين، وإن كان من مرونة أو جديد فستكون لصالح الغربيين وأصحاب الديانات الأخرى تحت باب الحريات واستثمار الخبرات، وعظم الله أجركم أيها البدون أصحاب القضية الحقيقية، فقضيتكم رغم وجود من يناصرها إلا أنها مرة عند المزايدين، ومرة عند المزمرين والمطبلين، ومرة عند أهل الوأد والبطش.
في الختام، أتتني ردود متباينة وعديدة حول مقال «إسقاط القروض هو إسقاط لحقوق المواطنين»، من أظرفها «مسج» جاء فيها «الحقيقة والله خسارة إنك صوت لهلامي القروض وعاشقها، فاتق الله أنت في توجيه صوتك ومن تحب فإنها أمانة، وزادك الله حرصا ولا تعد»، وردي هو أني في دائرة كل مرشحيها ونوابها للأسف مع قضية القروض بأنواعها، فلم يكن لي مناص من اختيار أربعة منهم للتصويت، ولا أظن أن هناك مواطنا يمكنه إيجاد مرشح أو نائب يتوافق مع أفكاره 100%، وإنما نسدد ونقارب، وعلينا احترام آراء واجتهاد الآخرين وإن لم يعاملونا بالمثل، وأؤكد أنني مازلت أرى أن إسقاط القروض أو شراء المديونيات تشجيع صريح على الربا ودعاية مجانية للبنوك الربوية لمن اطلع بعينيه على المقترحات المقدمة من النائبين الفاضلين ضيف الله بورمية وعبدالله راعي الفحماء، ولعل من اطلع على لقاء الوزير مصطفى الشمالي في قناة الوطن اتضحت له حقيقة تهويل القضية، لكن ما يحزن أن يجعل بعض من سيماهم التدين قضية القروض قضية ولاء وبراء، وصار هم بطنه أكثر من دينه.
[email protected]