لنتحدث في البداية عن إيجابيات جلسة إسقاط فوائد القروض، ولننظر إلى نصف الكأس المملوء، أولى هذه الإيجابيات أن الفتاوى الشرعية فرضت نفسها على أصحاب القرار في قاعة مجلس الأمة، وهذه حقيقة يجتهد البعض في نفيها وتجاهلها، لكنها حقيقة، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط.
ثاني هذه الإيجابيات أن مواقف الإسلاميين إلا ما ندر كشفت لنا توقفهم عند الفتاوى والمفتين، واحترامهم الخلاف الفقهي، ورحابة صدورهم وسعة أفقهم في تقبل آراء إخوانهم، كما أكد انقسام الأصوات الإسلامية بين موافق ومعارض عدم وجود الحزبية والتبعية المقيتة التي يتهم بها الإسلاميون من قبل خصومهم، بل هم أحرار، يسيرون وفقا لما تمليه عليه ضمائرهم ودينهم.
وأما المحزن والمقلق في تلك الجلسة فهو السجال الذي دار بين عدد من النواب حول حقيقة دوافع بعض الفتاوى، وإخراج الخلاف الفقهي الشديد إلى مسامع العامة من الناس، والذي سيخلق لهم تشويشا وتشكيكا فيما سيستحدث من فتاوى في النوازل القادمة من مشائخ وعلماء نجلهم ونقدرهم.
ومن المحزن أيضا أن بعض الحركات الإسلامية التي ليس لها ممثل في البرلمان، تركت كل الشعارات الإسلامية الهادفة جانبا، ورفعت شعار إسقاط القروض وجعلته معلما لها، وكالت لخصومهم من التيار الإسلامي أبشع التهم وأقبح الأوصاف من خارج قبة البرلمان، فيا ترى هذا صنيعهم وعددهم لا يتجاوز عدد أصابع اليد والرجل، فماذا سيصنعون لو تطور أمرهم من مجرد ميكروفون وصوت يلعلع وفاكس وبيانات لا تنقطع إلى ثقل سياسي وممثلين في المجلس؟ لكن الحافظ الله.
أخيرا، إن كان البعض لايزال يجادل ويماري في أن قانون إسقاط الفوائد الظالم والمغلوط سيستفيد منه أغلبية الشعب الكويتي فأقول إذن على الشعب الكويتي والمحتاج فيهم والمعسر خاصة ألف ألف عافية، فالكويتي عموما يستاهل أكثر وأكثر، يستاهل أن يتمتع بعيشة الرخاء والترف، لكنه أيضا لا يستحق أماني كاذبة وأوهاما بالية، وبالتالي لا يستحق ظلما وحيفا أكثر مما أصابه حتى الآن، وعلى هذا الزعم أقول: ينبغي إذن على كل مواطن كويتي رأى أنه استفاد من هذا القانون وسد حاجته وفك عوزته، أن يمنح النواب الموافقين صوته وثقته شكرا على تفانيهم، فهذا حقهم وأقل من حقهم، وفي المقابل على كل مواطن كويتي تحقق من عدم استفادته من القانون، ورأى أن الغبن والظلم وقعا عليه أن يمنح صوته وثقته للقلة القليلة التي سجلت موقفها برفض القانون، وكل يسري على همه وهواه.
[email protected]