لا شك أن التفاؤل سمة حميدة وبودنا دائما ان نكون متفائلين ولكن يجب ألا نصل بتفاؤلنا الى مرحلة ينطبق فيها علينا تعريف الفيلسوف البريطاني برنارد شو للمتفائل والمتشائم، حيث قال: إن المتفائل هو من يرى ضوءا وكل ما حوله ظلام.. والمتشائم هو من يرى ظلاما وكل ما حوله ضوء وكلاهما في نظر شو غبي!
فمثلا أن نرى ككويتيين واقعنا الحالي مشرقا وجميلا وانه الواقع المنشود فهنا حقا يكون تغييب دور العقل بتغليب دور القلب عليه.
فإن لم نتشاءم فبالله عليكم بماذا نتفاءل؟ هل بهروبنا المبرر من المرافق الصحية الحكومية الى المرافق الصحية الخاصة، أم بسبب طوابير المراجعين؟ أم بسبب الأخطاء الطبية التي تؤدي في بعض الأحيان الى الوفاة؟ أم بإلحاق أبنائنا بالمدارس الخاصة مرغمين بعد ان تكشفت لنا حقائق مرة عن أحوال المدارس الحكومية؟ أم بالتشهير ببعضنا البعض ونشر كل منا لغسيل الآخر من خلال بعض القنوات الإعلامية غير المسؤولة، والتي لا هم لها إلا تفتيت وتمزيق مجتمعنا وعلى مرأى ومسمع من حكومتنا الموقرة؟ أم بطوابير المواطنين المنتظرين حلم الحصول على منزل بعد استنزاف جيوبهم بسبب الإيجارات التي لا تقل عن ضعف المبلغ الإيجاري الممنوح لهم من الدولة؟ أم بقطع كهربائي مبرمج في وقت نقوم فيه ببناء محطات كهربائية عملاقة لدول هنا وهناك؟
أم بازدحامات مرورية خانقة حذر منها الكثير من العقلاء قبل أكثر من عقد من الزمان؟ أم بخطة بعشرات المليارات، وان صدقناه، لا نعلم حتى الآن من الجهة الممولة لها؟ أم بـ.. وبـ.. وبـ.. والقائمة طويلة.
ومع كل هذه المآسي نرى ان حكومتنا الموقرة ليس لديها هم سوى محاولة تكفير الشعب بالمؤسسة التشريعية أو بيت الأمة، كما يحلو للبعض تسميتها والتي لا تنطبق إطلاقا على واقع هذه المؤسسة الحالي بالذات لأن من يمثل الأمة في المجلس الحالي لا يصل عددهم الى العشرين نائبا ان لم أكن مبالغا فيما البقية يمثل عليها!
ومع ذلك لم يهدأ لحكومتنا بال ولم تقر لها عين من هذه الأقلية، فماذا لو كان من يمثل الأمة فعلا ضعف هذا العدد؟! حتما سنقول كشعب وبصوت واحد «باي باي دستور»! لأن حكومتنا لا تريد من يقطع عليها طريقها وسباتها وتخبطها في محاولة لتنفيذ ما تريد تنفيذه بعيدا عن هم الشارع ونبضه وعن الأمة ومباركة غالبية من يمثلون عليها بإيحائهم وإيهامهم للحكومة بأنها على جادة الصواب مع علم الحكومة بأنهم «بياعو مبادئ» و«أساتذة نفاق» معها اليوم وربما عليها غدا أو بعده، فها هي تنفذ كلا من مطالب وأجندات البعض، ومنها ما ستكون عاقبته وبالا على البلد وأهله، ومازالت الحكومة تصم آذانها عن صراخ ومناشدة كل من يحترق قلبه على بلده، قاصدة من ذلك الوصول الى مبتغاها ضاربة بمبتغى شعبها الحائط! فبين هذه الحكومة وهؤلاء النواب صفقة على حساب البلد وأهله وهي ضمان تقديم فروض الطاعة والولاء من هؤلاء النواب مقابل ضمان استمرار مجلسهم لمسيرته وإكماله السنوات الأربع «العجاف».
لا حقق الله مبتغاهم.. قولوا آمين.