يبدو أن إبليس وجد له مكانا خصبا في مجلس الأمة، فبعدما أيس أن يعبد، كان لا بد من التحريش بين الناس، فهذه هوايته وغوايته.
أقول ذلك وأنا أستغرب من الصراعات الصوتية الشخصانية الجارية في مجلس الأمة، وهي بلا شك سلوك غير حضاري، وغير مقبولة من جميع أطياف المجتمع، وتدل على تراجع سلوكي، وردة قيمية، لا نرضاها لمجلسنا الموقر وأعضائه الكرام.
أخذ الحماس المجموعة الجديدة التي نجحت في الانتخابات، والتي من الواضح أنها لم تقرأ الساحة السياسية جيدا، فأضحت نتيجة انتخابات الرئاسة قاسية جدا.
وأعقبتها نتيجة غير متوقعة في انتخابات نائب الرئيس، وسط لغط سياسي وقانوني، وما زالوا بانتظار الرد الدستوري، والذي قد يصل مع انتهاء المجلس!
فكانت لدى الفريقين ردة فعلين مختلفتين، كالتالي:
الأول: نقد مستمر للرئاسة، وتهكم على النواب السابقين واستمرار مناداتهم بالمناديب، والاتجاه المبكر نحو استجواب وزير الإعلام والشباب، كبش الفداء، مذكرني بالمثل المصري «هو ضرب على طول ما فيش شتيمة وزعيق؟!..)، والتلويح المستمر باستجوابات أخرى، دون تدرج في أدوات المحاسبة الدستورية، والتصريح بالمليونيات دون مردود عملي،.. وغير ذلك.
الثاني: تعويم مشكلة نائب الرئيس، ومقاطعة كلام نواب الفريق الأول بالصراخ داخل المجلس، والتعامل بالسب والشتيمة السوقية، والدخول في الأعراض والقضايا الأسرية فيما لا ينفع المجلس والمواطن بشيء، ونشر بعض الإشاعات،.. وغير ذلك.
ولا شك في أن ذلك كله ليس في مصلحة المجلس بشكل خاص، ولا الوطن بشكل عام، ففضلا عما فيه من تضييع للوقت وتأخير لمصالح الناس، فيه انحدار سلوكي غير مسبوق في تاريخ مجلس الأمة، وهذا ما لا يرضاه أحد من كلا الطرفين.
لذا.. فإنني أدعو بداية الفريق الأول لتجاوز الماضي (الذي يتحملون مسؤوليته لعدم مشاركتهم في الحياة النيابية)، ونسيان حكاية المناديب والرئاسة، وأن ينظروا إلى الأمام، ففي النهاية أصبحتم زملاء لهم، وهناك لجان وأعمال مشتركة، ومصالح وطنية، والحكمة ضالة المؤمن.
كما أتمنى عدم الاستعجال باستخدام سلاح الاستجواب، وإعطاء فرصة للحكومة للعمل، فهي بالنهاية حكومة جديدة دستوريا، ولا يمكن محاسبتهم عما مضى، ومساعدتهم تشريعيا لما هو قادم.
وأدعو الفريق الثاني للتحلي بالصبر والحكمة، ومقارعة الحجة بالحجة، وعدم استخدام الكلام البذيء، لأنه يدل على الضعف، وينشر للعالم من أنت، وكما قال سقراط لتلميذه المتبختر بزينته: «تكلم حتى أراك». فأنت تشتم زميلك في البرلمان، والذي تجلس معه في اللجان، ولا أعلم ماذا ستفعلون عند السفر معا!
أسأل الله أن يؤلف بين القلوب، فلسنا بحاجة لمزيد من الشقاق، فالكويت أصغر مما نتصور، وكلنا نعرف بعضنا جيدا، والأخطار تتجول حولنا وبيننا، فانتبهوا لأنفسكم وبلدكم. وكان الله في عون الرئاسة.
> > >
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء».