تعاني جمعيات النفع العام بشكل عام، والجمعيات الخيرية بشكل خاص، من مشكلة «المقر»، من حيث الموقع والمساحة والكلفة الإيجارية، فاضطر الكثير منها لاستئجار بيوت في مناطق سكنية، أو شقق في عمارات استثمارية، وبلا شك أن في ذلك كلفة مالية، بالأخص الجمعيات الصغيرة والناشئة.
وأستغرب من قرار وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الذي يمنع الجمعيات من استئجار بيوت في المناطق السكنية، وتزيد المعاناة مع الجمعيات الكبرى والقديمة والنشطة التي لها أفرع مرخصة من سنوات عدة.
ومع تقديري لفكرة المنع بعدم مضايقة الجيران، فالأمر مناط أولا بموافقة الجيران، كما هي الحال مع الحضانات المنتشرة في المناطق السكنية، وهي تتبع وزارة الشؤون أيضا، إضافة إلى مكاتب المحامين وحملات الحج، والفرق الشعبية، وحتى الوزارات والهيئات الحكومية والاتحادات الرياضية.
وإذا كانت الوزارة تغض الطرف عن الجمعيات المستأجرة بيوت حاليا تقديرا لظروفها، فالأصل أن تتريث في إصدار قرارات صعبة التنفيذ واقعا.
وباعتقادي أنه لا ينبغي أن تتدخل الوزارة في مثل هذه الأمور التي تخص البلدية والإسكان، لما فيه من تضييق، فالوزارة مسؤولة عن الشأن العام للجمعية وأنشطتها، وليس من المعقول أن تتدخل في كل صغيرة وكبيرة.
ولا بأس من اشتراط وجود مواقف كافية، ومواصفات معقولة، إن لزم الأمر.
إن وجود الجمعيات في المناطق السكنية آمن للنساء بالدرجة الأولى، وأقرب للمجتمع، خصوصا ذات الأنشطة الشبابية (الفتيان، والفتيات، والشباب، والشابات)، ويسهل استقبال التبرعات بالنسبة للجان الخيرية من أهل المنطقة والمناطق المجاورة لها، واطلاعهم المباشر على الأنشطة.
وسبق أن رأيت في أحد البيوت المستأجرة (أو الوقفية) في إحدى المناطق السكنية، حملة حج، ولجنة خيرية، ولجنة نسائية، وهذا بحد ذاته يوفر المصروفات والطاقات البشرية، كأن تكون قاعة اجتماعات مشتركة، وآلة تصوير مشتركة، وسكرتير مشترك، ومطبخ مشترك، وفراش مشترك، وحارس مشترك.. الخ.
وأدعو وزارة الشؤون لتقييم المرحلة السابقة من أهل الميدان، وبالأخص من الجمعيات الذين تم انتقالهم إلى عمارات في حولي أو السالمية أو غيرها، وتقييم تجربة مجمع اللجان الخيرية في الجهراء، وذلك قبل تعميم الفكرة.
ويمكن لوزارة الشؤون القيام بتجربة جديدة للاستفادة من مجمع الصوابر السكني، بتحويل جزء منه إلى مكاتب، وتوفير الخدمات اللازمة فيه بشكل راق، وتعرضه برسوم رمزية على جمعيات النفع العام الراغبة بهذا المكان.
فإذا نجحت التجربة، يتم التوسع فيها تدريجيا في باقي أبراج المجمع، بعد تلافي السلبيات، وتطوير الإيجابيات، وبعد معرفة عدد الجمعيات الراغبة في المشاركة فيه.
أرجو أن يتسع صدر وزارة الشؤون لجمعيات النفع العام بعمومها، فهي في النهاية عمل تطوعي لا يرجو القائمون عليها منها مصلحة مالية ولا دنيوية، ويشكرون على ما يقومون به، خصوصا أن كثيرا منهم مثلوا الكويت في مناسبات عديدة، وحصلوا على مناصب دولية، وأعضاء في مؤتمرات واتحادات عالمية، ونال العديد منهم جوائز تقديرية في مناسبات مختلفة، داخليا وخارجيا، ورفعوا اسم الكويت، ونذكر أدوار بعضهم في فترة الاحتلال العراقي الغاشم باستثمار علاقاتهم الدولية لأجل الكويت، أفلا نقابل الإحسان بالإحسان؟!
الأصل هو تشجيعهم وتحفيزهم، وتيسير أمورهم، لاالتضييق عليهم، أو البحث عن الزلات عنهم، فهم في النهاية أبناء الكويت.