غطيت وجهي بكلتا يدي حين رأيت صور بعض «نوابنا الافاضل» وهم يتصارعون في قاعة عبدالله السالم، ويضربون بعضهم بعضا بالعقل والبوكسات، ويتبادلون الشتائم والسباب والألفاظ النابية.
غطيت وجهي لكي لا أرى هذا المشهد المخزي والمحزن والمؤسف، والذي يسيء الى صورة الكويت امام شعوب العالم، وينقل عن بلدنا مشهدا يثير الاشمئزاز، ويعطي لاعداء الكويت فرصة ذهبية كي يهاجموها مرة أخرى، ويتهموا اهلها بالتخلف والفوضى والهمجية. غطيت وجهي حتى اطرد تلك الصورة من مخيلتي وانا اضع ورقة الاقتراع في الصندوق بعد ان اخترت اسماء النواب الذين سيدافعون عني وعن اسرتي وبلدي في مجلس الامة، والذين سينفذون الوعود التي اغرقونا بها خلال حملاتهم الانتخابية، وتأكيدهم على بذلهم كل ما في وسعهم لتطوير الكويت وازدهارها اقتصاديا وعلميا وثقافيا واجتماعيا، وعلى كل المستويات. غطيت وجهي خجلا من نفسي لان هؤلاء ينتمون الى الكويت ويمثلون شعبها ويتحدثون باسم المواطنين داخل الكويت وخارجها، وهم السلطة الشعبية الاعلى، حيث انهم المشرعون الذين يرسمون القوانين، ويضعون الخطط التي ستسير عليها الدولة، ويحاسبون المقصرين والمسيئين والمتجاوزين على القوانين. هؤلاء قدوة الابناء، منهم يتعلمون اصول الحوار واحترام الرأي الآخر، فلا تلوموا بعد اليوم ابناءنا عندما يتهاوشون في المدارس، ويتبادلون الشتائم والطعنات بالسكاكين، لا تلوموا الاحداث الذين يكتبون عبارات مسيئة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وزوجاته واصحابه على جدران المدارس والمساجد، فهم تعلموا هذه الاخلاقيات من نوابنا الذين يعتبرون قدوة للآخرين. لا تلوموا الناس حين يتعاركون ويتشاجرون في الشوارع او في الجمعيات التعاونيات والاسواق، فهم اقتبسوا هذه «الاخلاقيات، من نوابنا الافاضل. ولا تلوموا بعد اليوم مدرسا يضرب تلميذا ويكسر انفه او يفقأ عينه، فهو رأى هذا المشهد من قبل في بيت الامة ومصدر التشريع والرقابة والمحاسبة، ولا يجد حرجا في تقليد النواب الذين يعتبرون الواجهة الحضارية للبلاد. هذه هي الحال التي وصلنا اليها بسبب اعضائنا، وهذا هو الوضع الذي بلغناه بعد هذه المسيرة البرلمانية الطويلة والعريقة، لننتهي الى هذه الصورة المخزية، بسبب استهتار هؤلاء النواب وعدم احترامهم للشعب والدولة والدستور والقانون. فهل بعد ذلك سيثق مواطن كويتي بهذا المجلس وهؤلاء النواب؟! وهل سيضع مواطن احلامه امام هؤلاء الاعضاء كي يحققوها له بعد ان كشف حقيقة تفكيرهم وطريقة تعاملهم مع بعضهم؟! هل بعد ذلك سنتباهى بالديموقراطية الكويتية التي كانت على الدوام منارة عز ومجد وكبرياء؟!
[email protected]