«الصفري» هو الفصل الذي يسبق الشتاء في الرزنامة الكويتية، وهو فصل الأمراض والحساسية وبداية تقلبات الطقس من الحرارة الى البرودة، ويعقبه الشتاء ثم الربيع الذي وصف الغرب ثورات العرب به «الربيع العربي».
لدي قناعة بأن الريموت «المحرك» للأوضاع السياسية موجود في الغرب، صنع هناك وشغل هناك. ولا يطلب منا نحن الشرقيين سوى استقبال إشارات الريموت الغربي والبقية تتفرج.
قيام الثورات العربية بسبب الصفعة التي تلقاها البوعزيزي أمر مخجل، إذا كان هذا تبريرنا لقيام تلك الثورات، وكذلك اختزال الثورة في الحكم المستبد أمر غير منطقي، كذلك الثورة لم تكن من إشارة من الريموت الغربي، إذن كيف قامت تلك الثورات العربية في وقت واحد أو متقارب؟
أولا لكل ساحة خصوصيتها وأبعادها فمثلا ليبيا لم تكن فيها ثورة إنما اقتتال داخلي بحت وسيستيقظ الحالمون عن قريب عندما يشاهدون كتائب الثوار تتناحر فيما بينها تقاسما للمال والسلطة ولا أستبعد انقسام ليبيا الى دويلات بسبب ان السلاح مع الجميع والجميع مختلف مع الجميع.
كذلك اليمن ليس بعيدا عن مشاهد ليبيا حيث أسباب قيام الثورة فيه ومشاهدها الأخيرة فما يحصل الآن هو اقتتال على السلطة بين علي صالح وعلي الأحمر ولا دور لشباب الجامعة الذين أوقدوا فتيل الثورة هناك.
أما الثورتان التونسية والمصرية فقامتا لكسر حاجز الخوف في تلك الشعوب التي لم يدفعها الظلم وحده، لأن الظلم له أكثر من عقود مستمر معهم ولم يكن دافعهم الرئيس.
الريموت الغربي لم يكن بعيدا عن الحراك في تلك الدول واستغل ما يمكن استغلاله فيها لمصالحه طبعا، أما الثورة الحقيقية التي لم تصلها إشارات الريموت الغربي فهي الثورة السورية التي سال دماء شعبها ولم تجد من ينجدها من «الناتو» ولا الأمم المتحدة ولا غيرهما والسبب طبعا واضح أن الثورة السورية لا تتبع برامج الريموت الغربي فلذا هي لا تستقبل إشارات الغرب ولا الغرب تهمه حقوق الإنسان فيها.
الغرب أطلق على الحراك والثورات العربية مسمى الربيع العربي والحقيقة انهم إما يجهلون ما يحدث أو يجهلون الفصول العربية، أي ربيع يتحدثون عنه؟ وفي أي بلد؟ تونس التي ستدخل في فوضى في حال فوز حزب النهضة الإسلامي، أم مصر التي مازالت في فوضويتها من نزاع طائفي ونزاع سلطوي بين المجلس العسكري والأحزاب القديمة، أم اليمن الذي انقسم شعبه وجيشه، أم ليبيا التي أمامها أيام الله أعلم بدمويتها؟
أنا لست متشائما وليس لي ما أحزن عليه في الأنظمة السابقة في تلك الدول ولكن للفوضى شواهد وللإصلاح طرقا ويقول الله عز وجل (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
فالربيع العربي مازال بعيدا فنحن الآن في «الصفري» بعد الشتاء ثم الربيع والله أعلم.
[email protected]