يقاس تطور الشعوب والمجتمعات بما يتمتع به الفرد ويكتسب من ثقافة داخل بوتقتها، ويكون ذلك الفرد لبنة أساسية من تكوين تلك الثقافة العامة التي تظهر وتتجلى في احترام القوانين. فالقانون ثقافة يجب أن يتعلمها الشعب في البداية ولا تفرض بالعصا والحبس، ونشر تلك الثقافة مسؤولية السلطة عندما تقف على مسافة واحدة من الجميع في تطبيق تلك الثقافة (القانون).
فعلى سبيل المثال، في المملكة المتحدة إذا ارتكب قائد المركبة مخالفة مرورية كأن يركن مركبته في مكان ممنوع الوقوف فيه في لندن تسحب المركبة ويغرم بمبلغ لا يتجاوز خمسين جنيها إسترلينيا ولكن لا يتسلم المركبة إلا في مدينة مانشستر التي تبعد 4 ساعات في القطار، فالغرامة هنا حسية ومعنوية كلفت المتجاوز المال والجهد والوقت وأنشأت في داخل المتجاوز رادعا أدبيا وليس هاجسا أمنيا من تكرار تلك المخالفة.
إذا أرادت السلطة تطبيق القانون وأرادت احترامه من الشعب فذلك في مقدورها ووسعها ولكن السلطة لا تريد سيادة القانون. تريد سيادة المصالح فقط، في الانتخابات الماضية وبعد استدعاء من شاركوا في الانتخابات الفرعية حفظت أغلب الشكاوى في سرايا النيابة بسبب بطلان الإجراءات التي تتبعها وزارة الداخلية في الضبط، واليوم اختتمت بعض الفرعيات على مرأى السلطة ووزارة الداخلية ولا نعلم ما الإجراءات التي سوف تتخذ في سبيل تطبيق القانون بعد أن صرحت وزارة الداخلية بمحاربتها للفرعيات وشراء الأصوات؟ نحن لا نريد حربا عليها ولكن نريد تطبيق القانون (الحاضر الغائب)، الناس تعلم أن الفرعيات مخالفة للقانون على الورق فقط ولم تر له عقوبة على الواقع لكي تحترم ذلك القانون، والناس تعلم ان شراء الأصوات جريمة يعاقب عليها القانون ولكن لم تر شخصا خلف القضبان بتلك التهمة، ويندرج ذلك الى سرق مناقصة وقبض مقابل عدم تطبيق القانون وكل تجاوز حصل وسوف يحصل في المستقبل!
يجب أن يعلم الجميع أن أطياف المجتمع لا تلتحم وتتواطن إلا من خلال القانون المحترم وإلا فإن لكل فرد عائلة وقبيلة وطائفة يستقوى بها إذا وجد القانون لا يحترم وهذا هو هلاك الدولة المدنية ودولة المؤسسات والقانون المنشودة.
نتمنى أن تفتح الحكومة الجديدة بوابة النهج الجديدة من خلال سيادة القانون على الجميع وتحقيق المواطنة بين أطياف المجتمع... وأظن والله أعلم أن تطبيق القانون مو خسارة... والله أعلم.