قبل قدوم الاستعمار وتقسيماته كانت القبيلة كيانا مستقلا ككيان الدولة حاليا مع اختصار في المناصب القيادية، فكان هناك أمير للقبيلة يمثل جميع السلطات وكان هناك أمير للحرب وفى بعض القبائل يكون هناك رجل دين يتولى شؤون القضاء في المنازعات بين أفراد القبيلة. وبعد التمدن والتطور الثقافي للشعوب انخرطت القبائل بسلطتها في الدولة ومجتمعها المدني وأصبح دور أمير القبيلة محصورا في الشكليات والأمور المعنوية فقط وليس له اعتبار قانوني إلا أنه مواطن فقط.
تجنب الكثير من أمراء القبائل والعشائر في الكويت الدخول في اللعبة السياسية حفاظا على وجاهتهم عند السلطة وأبناء قبائلهم، وبعضهم اتجه إلى مجلس الأمة وخاض غمار الانتخابات ولم يحالفه الحظ في نيل ثقة الناخبين فابتعد عن المشهد بعد أن اكتشف أن قواعد اللعبة تختلف عن السابق، فليس بالضرورة أن أحصل على جميع أصوات أبناء القبيلة مادمت أنا أميرها فالوضع يختلف والمعايير مختلفة كذلك. البعض الآخر من أمراء القبائل أصبح مهادنا للحكومة لا يخالف توجهها بتاتا حرصا منه على الوحدة الوطنية وعدم التفرقة والنأي برأس القبيلة عن التقلبات السياسية مهما كانت النتائج، وأصبح هذا النوع من أمراء القبائل مهمشا من أبناء القبيلة والسلطة كذلك.
أما الشيخ فلاح بن عيد بن جامع أمير قبيلة العوازم في الكويت فكان له دور مختلف عن كثير من أمراء القبائل مع كامل الاحترام والتقدير لهم، فالشيخ فلاح دخل اللعبة السياسية بوجاهة الماضي ومدنية الحاضر عبر عما يجول في خاطر جميع الكويتيين تجاه الحكومة السابقة ورئيسها وأبدى رأيه وتحمل المسؤولية فكان هو العلامة الفارقة في تغيير المشهد السياسي الكويتي، قبل الخصومة من الأطراف المتضررة بذهاب الحكومة السابقة وحينما أساءوا عفا وصفح وطالب الشعب بالتهدئة وحينما شككوا بدوافعه أثبت لهم أنه ابعد الناس عن الفائدة الشخصية عمليا حين قال أنا أسكن في بيت مساحته 300م به 7 عوائل.
المتأمل في خطابات الشيخ فلاح بن جامع يجدها ذات إشارات مباشرة تنم عن وعي سياسي كامل وإيمان في دولة القانون وخلفية شرعية راسخة، فحينما قال ردا على إساءة السيد حسين القلاف: نحن لا ندخل الجنة بمسباح وعمامة لم يكن يقصد الإساءة للعمامة بل يقصد الأشخاص الذين أساءوا للعمامة بأفعالهم والعمامة منهم براء وهذا يندرج تحته كل من يخبئ سوء أعماله باللباس الديني سنيا كان أو شيعيا أو نصرانيا أو يهوديا.. والله أعلم.
[email protected]