الكويت بلد خليجي عربي ومسلم يقع في موقع إستراتيجي محاط بالأطماع من شماله وشرقه، ولعل الجميع يدرك ما أعني وما أقصد، ولكن الحق أجدر أن يقال وبكل أسف وبكل مرارة لم يحالفنا الحظ سوى بجار واحد لطالما كان لنا سندا وعونا، ألا وهي الشقيقة الكبرى مملكة الخير المملكة العربية السعودية.
وأشير في كلامي هذا إلى ما يجري في الكويت وأربطه بالأوضاع السياسية والإقليمية للمنطقة، ومن هذا المنطلق أتساءل: في مصلحة من تصب مجريات الأمور؟ وهل هذه الفتن مفتعلة من أجل إضعاف الكويت التي طالما كانت منارة للخير والسلام للجيرة العربية والإسلامية؟ وهذا من وجهة نظري المتواضعة التي أتمنى أن تقرأوها فقط وتتدبروا معانيها ومابين السطور، والتي قد تكون شبه رسالة سياسية لمن يهمه الأمر
في مصلحة من يتم زرع بذور الفتنة بين النسيج الاجتماعي في بلدنا الحبيب الذي عشنا فيه لمئات السنين متآلفين؟ في مصلحة من يقسّم المجتمع إلى طبقات ويزرع الخلاف بين السنة والشيعة، وبين أهل البادية وأهل الحضر؟ ومن المستفيد من تعددية التجمعات والتكتلات واختلافها حتى في أتفه الأسباب؟
في مصلحة من يحاول زرع بذور الفتن بين أبناء الأسرة الحاكمة وجعل البعض يشيرون إليهم بأصابع الاتهام؟ لا أتحدث عن هذا الأمر إلا وأنا جزء منه، فقد كان أبي رحمه الله حمد إبراهيم عبدالله المزين، رحم الله موتانا وموتاكم وأسكنهم فسيح جناته، من سكان المرقاب حتى آل بنا المطاف بعد ذلك إلى منطقة كيفان بعد أن أنعم الله على الكويت وأهلها بالذهب الأسود الذي نقل الكويت من مرحلة أخرى حتى أصبحت في مصاف الدول المتطورة.
لم أسمع من أبي رحمه الله يوما عن بوادر فتنة ولم أسمعه يوما ينطق بهذه الكلمة المشينة التي تتردد كثيرا هذه الأيام، ولم أذكر يوما أنه أشار بعنصرية لأحد من سكان الكويت بوجه عام، ولا أزال أذكر ديوانه رحمه الله وهو يكتظ بأهل الكويت بمختلف شرائحهم، وكان أبناء الأسرة الكرام يزينون هذا الملتقى الاجتماعي بروح الأخوة والأسرة الواحدة.
وبالكويتي الفصيح «كلنا عيال إقريه وكل منا يعرف أخيه»، أما الآن فأصبح واقعنا متغيرا وفق متغيرات إقليمية سياسية أكبر من المواطن البسيط أو حتى متوسطي الدخل والأغنياء، وأكبر من خدمات وخطة تنمية، للأسف هناك أياد خفية تستفيد من خلافنا الحاضر وتعمل على تغذية هدفها من ذلك إدخالنا في دوامة صراعات وخلافات وتعرقل المسيرة والتنمية وذلك من أجل إضعاف قواعد وحدتنا وتماسكنا من أجل هدف أكبر خطير يهدد بقاءنا. لكننا نقول معصي عليكم فالكويت الله حافظها بفضل الله ثم باياديها البيضاء في مساعدة العرب والمسلمين، وإخواننا في الإنسانية.
أكتب هذا الكلام لقارئ يدرك ما أقول، وأتمنى أن يعمل وفق معطيات حيادية لا تترك لعدو الكويت وأهلها ثغرة يتسلل منها وليكن العراق لنا مثالا وغيره من الدول، وأقدم النصيحة لاخواني النواب والناشطين سياسيا ورياضيا وإعلاميا واجتماعيا وعلميا، للأخذ بيد الحكمة والاتزان وقد أشار لها صاحب السمو الامير حفظه الله، الذي تنكشف له حقائق لا نراها نحن بحكم موقعه السيادي وحنكته السياسية وخبراته الكبيرة.
ولنسع كما هم يسعون لادارة الامر بروية واتزان وذلك من منطلق وطني وفق مبدأ كل مواطن خفير، حتى يقضي الله أمرا كان مقضيا وتنكشف الغمة، وأقول لاخواني المحبطين والمشككين، قد تكونون على حق في بعض الامور ولكن فوق ذي كل علم عليم، وأذكرهم بنصوص التاريخ حيث إن الكويت تقع في منطقة من العالم غير مستقرة. فأيام الكويت متفاوتة ما بين اليسر والعسر والضيق والرخاء، وبنبرة متفائلة أقول ستنتصر الكويت في نهاية الامر بنا نحن أبناء الكويت المخلصين. وهذا هو التاريخ شاهد على ما اقول ففي الستينيات ازمة عبدالكريم قاسم مرورا بأزمة المناخ والحرب العراقية الايرانية، واحداث الثمانينيات من تفجير موكب سمو الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح رحمه الله، والتفجيرات التي طالت المقاهي الشعبية، والمنشآت الحكومية الحساسة، وبعد ذلك الاحتلال الغاشم في التسعينيات، حرب تحرير العراق في 2003. واخيرا الازمة الاقتصادية العالمية. ولكن بفضل من الله ثم بفضل القيادة الحكيمة وتماسك اهل الكويت وصلنا الى بر الامان. الكويت قوية بقيادتها الحكيمة وشعبها المخلص المتماسك العاشق لبلده ولقيادته، خرجنا من باب السور بيرقنا بيرق منصور. وسوف نبقى كذلك الى أن يرث الله الارض ومن عليها.
[email protected]