معروف في عالم السياسة أنه ليس هناك صداقات دائمة أو عداوات دائمة، بل مصالح مشتركة، تحدد سير العلاقة السياسية في أي مجتمع أو حتى بين الدول، ومن هذا الباب نلقي الضوء على الواقع السياسي في الديرة، لا يخفى على أحد ما حصل من ارتدادات الربيع العربي (الدمار العربي) على الواقع السياسي المحلي والأخطاء السياسية التي وقعت فيها ما يسمى بالمعارضة والمعروفة للجميع ولا جدوى من ذكرها، ولكن أبرزها هو الانحراف عن قواعد اللعبة السياسية في إطارها الدستوري، أي الخروج عن ما رسمه الدستور.
وأود أن أشير إلى الحنكة والحكمة، التي تعاملت مع هذا الوضوع الاستثنائي في ذلك الوقت والعبور إلى بر الأمان من قبل القيادة السياسية في ظل الوضع الإقليمي المأساوي والملتهب، من خلال الالتزام بالدستور ومواده وأيضا الرجوع إلى السلطة القضائية الملاذ الأخير بعد الله للبت في قضية إصدار مرسوم الصوت الواحد، في ممارسة ديموقراطية قانونية دستورية راقية، لا توجد إلا من الدول العريقة في هذا المجال.
إلا أن وبعد هذا العبور الآمن، لم يستقل ولم يستثمر بالشكل الصحيح من الحكومة، خاصة بوجود استقرار سياسي وعلاقة هادئة مع السلطة التشريعية بلاعبيها الجدد، فأصبح الرأي العام الكويتي متذمرا من هذا الأداء للسلطتين، فلا بوادر تنمية فعلية وعملية وواقعية، واستمرار في انحدار الخدمات العامة للدولة، فالشعب الكويتي لا يهمه كثرة القوانين ولا كثرة التصريحات الحكومية، بل ما يهمه هو واقعه اليوم من تعليم وصحة وتوظيف وإسكان إلخ. والذي أصبح سرابا، ومن هنا أصبحت الأغلبية الصامتة والتي لا تنتمي إلى أحزاب أو تيارات سياسية لها أجنداتها، تقول وبعدين؟ ومن هذا المدخل بدأ التعاطف مع ما يسمى بالمعارضة وحثها بالرجوع الى العمل السياسي الدستوري من خلال الانتخابات المقبلة، حيث أصبح هؤلاء الأمل في الاصلاح النسبي المنشود، وهذا ليس رأيي، بل ما يقال في كل مكان.
ومن هنا أعتقد أنه أصبح استحقاقا سياسيا لهؤلاء بالرجوع إلى الساحة السياسية ضمن الأطر الدستورية، وعلى قواعدهم الانتخابية خاصة الشبابية تفهم ذلك، لأن لكل مرحلة ظروف، فالمواقف السياسية ليست أمرا مقدسا، بل المرونة والتأقلم مع الواقع السياسي الحالي الذي يتطلب مشاركة هذه الفئة من أبناء الكويت في هذا المجال، فالقضية ليست تطرفا أو ثأرا ما بين السلطات، بل المشاركة في بناء وطن، ومهما اختلفنا معهم في الفكر السياسي، إلا انهم يبقون أبناء الكويت، والجميع يجتهد وقد يخطأ أو يصيب، فلا أحد معصوما من الخطأ، فكلنا بشر ليس ملائكة ولا شياطين.
ومن هنا أقول إن رسالتي هذه للعقلاء والمعتدلين من المعارضة الذين لم يتعدوا على الخطوط الحمراء والثوابت الوطنية والدستورية، كما يستوجب عليهم، بالنأي بأنفسهم عمن أساء وهدد أمن واستقرار الوطن، بالابتعاد عن المتطرفين ونبذهم والابتعاد عن منهجهم السياسي المنحرف، بل على قدامى ما يسمى بالمعارضة، والذين يتكلمون باسم الشباب وباسم المجتمع، الابتعاد عن المشهد السياسي وترك المجال لوجوه جديدة لدخول المعترك من خلال خوض الانتخابات القادمة ومن خلال إبرازهم إعلاميا، فالكويت تستحق الأفضل، فلا المظاهرات ولا النزول الى الشارع هو الحل للإصلاح، بل هو طريق مظلم لا يأتي إلا بكوارث، بل العمل السياسي تحت القبة هو المسار الدستوري الوطني الصحيح في دولة المؤسسات، فالسياسية هي فن الممكن.
سلامات للسيد فيصل الدويش، وخطاك السوء وندعو الله عز وجل أن يردك الى أسرتك مشافى معافى، أصالة كويتية مميزة ان يتوافد الكويتيون وعلى رأسهم سمو الأمير وسمو ولي العهد للاطمئنان على صحة بونايف، منظر لا تراه إلا في ديرة المحبة والسلام الكويت.
[email protected]
[email protected]