استذكرت الكويت واحتفلت ومن يحبها قبل ايام قليلة بتاريخ 25 فبراير يوم الاستقلال و26 فبراير يوم التحرير من دنس الغزو العراقي الغاشم قبل 24 سنة مضت، الا ان الجرح لايزال ينزف ولم ولن يلتئم، وذلك لما تعرضت له الكويت من غدر وخيانة من قبل من يفترض ان يكون شقيقا، ولكي لا تنسى الاجيال التي لم تعاصر تلك الفترة، لابد من اخذ الحذر والعبرة من هذا الغزو الغاشم ببذل واجتهاد واخلاص للحفاظ على بلدنا، ومعرفة ما قدمه الكويتيون من تضحيات من اجل الديرة وخاصة الشهداء الذين قدموا ارواحهم دفاعا عن الوطن.
رحم الله شهداء الكويت، فهم قدموا اغلى ما يملك الانسان وهو النفس دفاعا عن الكويت واهلها، ضاربين بذلك اروع امثال التضحية والشجاعة والتي لا يملك اي انسان الا ان يقف اجلالا واكبارا واحتراما لهؤلاء الشهداء رجالا ونساء وشبابا واطفالا، وكفانا فخرا لقوله تعالى (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) (آل عمران:169).
اليوم سوف افتح صحفة من صفحات شهداءنا الابرار، وهي صفحة العم بل الوالد الفريق متقاعد عبدالوهاب المزين، وأخيه وصديقه العم الفريق يوسف المشاري رحمهما الله، فمنذ ان فتحت عيني على هذه الدنيا، وانا اراهما في البيت عندنا، فلم يكادا يفترقان بعضهما عن بعض بما تعنيه الكلمة، وكانت اخوتهما وصداقتهما لا يفرقها الا الموت والشهادة معا.
كان العم عبدالوهاب المزين تقاعد قبل الغزو بقليل ليتفرغ لاعماله وتجارته الخاصة، بعد تاريخ ابيض وناصع ومشرف في خدمة وطنه وامته، فقد شارك في حرب 67 ضد اسرائيل وايضا حرب الانتصار على المعتدي في 73. ومن المفارقة العجيبة والحزينة في نفس الوقت هو ان هذا البطل المقدام العم عبدالوهاب المزين الذي شارك في الدفاع عن قضايا امته يقتله من كان يفترض ان يكون شقيقا وهو النظام العراقي الهالك السابق.
كان العم عبدالوهاب في اجازته الصيفية برفقة اخيه العم يوسف المشاري واسرتهما، وعندما حدثت كارثة الغزو، لم تهنأ له لحظة وتواصل مع القيادة السياسية التي كانت بالسعودية، ورجع خلال ايام، وكان على اتصال وتنسيق مباشر مع وزير الدفاع انذاك سمو ولي العهد الشيخ نواف الاحمد لتشكيل قيادة ووضع خطط عريضة حول الاوضاع بالكويت. وكذلك الاجتماع مع الشيخ علي صباح السالم في الخفجي.
سطر البطل الشهيد عبدالوهاب المزين العديد من البطولات، فوصل الى الكويت في الاسبوع الاول من الغزو وقام بإجراء اتصالات مكثفة لاعادة ترتيب صفوف وتجميع منتسبي الدفاع والداخلية والحرس الوطني من اجل جمع المعلومات والمقاومة ضد المحتل، وكان الشهيد عبدالوهاب المزين اخرج العديد من الاسر الكويتية والشيوخ والشخصيات المهمة عبر استخراجه لهم بطاقات وهمية ومن ثم اخراجهم الى السعودية بالاضافة الى معلومات ووثائق وسيديهات في غاية الاهمية للكويت، كما فتح مخازن شركة المزين للاسلحة وقام بتزويد المقاومة بها.
كما كان اتصاله مباشرة مع القيادة السياسية لاطلاعها على ما يدور بالكويت، وتوصيل المال لاهل الكويت وتوفير الاسلحة للمقاومة ووضع الخطط ضد المحتل، وفي مساء يوم السبت 20 اكتوبر 1990 بينما كان هو وزملاؤه من القيادات مجتمعين في احد المنازل في النزهة، وفي السابعة مساء، اقتحمت قوات الاحتلال العراقية المنزل، وألقي القبض عليهم جميعا، وتم تعذيبهم اشد العذاب بوحشية، ومن ثم نقلهم الى اماكن اخرى بالكويت ثم اخيرا الى العراق، وبعد ذلك انقطعت الاخبار، وتواترت الاخبار بأنه تم اعدامهم جميعا، رحمهم الله جميعا. رحم الله شهداء الكويت، فهم عز وفخر.
[email protected]