خيط رفيع بين العلم والمعرفة، لابد للمرء أن يلحظه، لكيلا يحدث الخلط بينهما، ويضيع المعنى، الذي لابد من الوصول اليه، للارتقاء بالراهن، وامتلاك مفاتيح المستقبل.
ففي كتابه العزيز يقول تعالى: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والابصار والأفئدة لعلكم تشكرون) وبهذه الحواس التي وهبها عز وجل لمخلوقاته من بني البشر، استطاع الانسان التمييز بين اكتشافاته، فكان العلم، وكانت المعرفة.
لا يستطيع المرء ان يخرج من هذه الاجواء، وهو يتجول في أكاديمية الملوك، المعروفة في منطقتنا والعالم بـ «كنجز اكاديمي» ويلتقي طلبتها النخب، وهم يكتشفون العالم، على أيدي خبراء احترفوا النهوض بالوعي، من خلال توسيع مدارك الانسان.
فقد عرف البعض على مدى عقود وربما مئات السنين العلم بأنه يتوجه الى احوال المسمى فيما تتجه المعرفة الى ذات المسمى.
ومنح آخرون العارف، خصوصية تبقيه متفوقا على العالم، مهما بلغت درجات العلم، الذي حصل عليه.
كما ربط بعض الباحثين في هذه التفاصيل الدقيقة، المعرفة بالمحسوسات، والعلم بالمعقولات.
وجاء الصرح العلمي «كنجز اكاديمي» الذي استقر منارة، على مشارف مأدبا، ليبقي ضرورة التمييز بين العلم والمعرفة ماثلة أمامنا، وان كانت اكاديمية الملوك تقدم الاثنين معا، وهي تعد قادة المستقبل.
فالذي شاهدته وأنا أتجول في هذا المرفق، والتقي القائمين عليه، والدارسين فيه، مؤسسة تدريب نموذجية على طرق صنع القرار. وأداء هذا الصرح العلمي، وتجهيزاته، والوسائل العلمية المتوافرة فيه، يتجاوز التعليم الاكاديمي رفيع المستوى، الى تأهيل القادة، في مختلف المجالات.
فهو تجسيد لسباق مع الزمن الذي، لا يتوقف عن الدوران، ولا يرحم المتغافلين عنه، وتمثل لروح العصر المتوثبة، لأفق لا تحده حدود.
كم تمنيت أن أرى مثل هذا الصرح في الكويت، لينتفع منه أبناؤنا، وينعكس على أدائنا المستقبلي، ويكون واحدا من الجسور لتعويض ما فاتنا.