ها هي سنة ترتحل عن البشرية بقدها وقديدها لتشرق أخرى جديدة نستشرفها خيرا ومحبة لنلاقي الزمن المقبل في فضاءات من الأمل والعمل من أجل مستقبل أفضل لنا ولأجيال من العرب والمسلمين ونتقرب فيها من الخالق بعبادته وتوطين الطمأنينة في نفوس عباده المؤمنين برحمته وعدله وقضائه وقدره.
يقول تعالى في سورة النحل (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) ليكون الجزاء من نوع العمل، كما تظهر الآية الكريمة التي جاءت في سورة الأعراف (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) قيمة الحياة والسعادة التي خص بها الله عباده في الحياة الدنيا.
يحث الدين القويم عباد الرحمن على أخذ نصيبهم من الحياة الدنيا بقول الرحيم في كتابه العزيز (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا) ويذكر عباده بنعمته (ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) ويحث بقوله تعالى (وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا) على السلوك القويم ليرتبط الثواب بالعمل الصالح.
تتسع حكمة الوهاب الرزاق في تحديد الزمن فيجمع رغد العيش بعمل الخير، وتلازم موجبات العمل الصالح عباد الله في الحياة الدنيا فلا تحدها فواصل زمنية، فهي قرينة ومستمرة مع الإنسان طوال حياته ويحاسب عليها يوم الحشر، حيث لا ينفع مال ولا بنون.
الفواصل الزمنية فرص للتفكير فيما أنجز الإنسان من أعمال صالحة وما كان مفترضا أن ينجزه مع محاسبة للذات على أخطائها لتجنب الوقوع فيها والبحث عن سبل للتكفير.
نهاية عام وبداية آخر واحدة من الفرص التي تستحق مثل هذه الوقفات لاسيما أنها إحدى المحطات الزمنية المعمول بها إلى جانب التقويم الزمني المبني على هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وفي الوقوف مع الذات لمحاسبتها وإراحة الضمير قيمة مضافة للاحتفال بمرور عام وبداية آخر تستحق من العربي والمسلم الحالم والآمل بالخروج من دائرة الابتلاءات التي لحقت ببلاد العرب والمسلمين وعلينا اغتنامها.
بانقضاء عام وقدوم آخر لا يسعنا إلا أن نتقدم لأبناء الأمتين العربية والإسلامية بخالص من أمنيات السعادة والرخاء والرفاهية، داعين الله عز وجل أن يسبغ على العرب والمسلمين وافر رحمته ويهديهم إلى الطريق القويم وهو العلي القدير، والله يحفظكم ويرعاكم.