استخدام «خطة الدولة» للشراكة المالية مع البنوك والمؤسسات التنموية لا يعني بالضرورة عجز الدولة عن توفير السيولة النقدية بقدر ما يحقق نتائج مهمة، مثل:
- - إفادة من الخبرة المتوافرة لدى هذه الجهات في تقييم مخاطر المشاريع.
- - وتجاربها في سد الثغرات المالية عبر جسر تمويلي للمقاول - مثلا – بضمانات إضافية من جانبه.
- - تكليف جهات مختصة بضبط الجودة، وضبط بند التكاليف أثناء التنفيذ.
و غيرها من الأمور التي قد لا تمتلك الادارة الحكومية نفس المرونة لتحقيقها.
لقد استفادت الكويت – على سبيل المثال - في جانب الصادرات من تمويل مبيعاتها النفطية لدول مثل بنغلاديش وغيرها حيث أدى تحمل «البنك الإسلامي للتنمية» مسؤولية السداد النقدي للجانب الكويتي، ومن ثم التقسيط على الدولة المشترية الى ابتعاد الكويت عن مخاطر السداد، والنأي عن الضغوط السياسية في حال التخلف، يقول أحد العاملين في هذا المجال: «لقد حقق لنا تمويل «بنك التنمية» راحة كبيرة في تسلم قيمة المبيعات الى الحد الذي كثيرا ما نعتذر من دول تتقدم بطلب شراء بغير أن تكون لها علاقة مع البنك الإسلامي للتنمية، وقد تجاوزت مبيعاتنا بهذه الطريقة ملياري دولار وذلك لدول لديها مصاعب في السداد، غير أن البنك أقدر منا على التعامل مع تلك المصاعب نظرا لتعدد نوافذه التي تستفيد منها تلك الدول ما يمنعها من التخلف عن السداد، وبالطبع لم تكن لتسدد بنفس الالتزام لو كان السداد مباشرة لدولة الكويت اعتمادا على عوامل العلاقات الثنائية... الخ» انتهى.
أهم من ذلك أن الدولة تستخدم سيولتها بشكل أفضل، فهناك مجالات تشغيلية لا تحقق فيها تلك المؤسسات المالية نتائج كبيرة مثل:
- - تمويل رأس المال العامل.
- وتكاليف الصيانة والمشروعات الصغيرة التي ترتفع كلفة تمويلها في حال اللجوء الى البنوك، الأمر الذي يكون معه توجيه موارد الدولة أكثر كفاءة عند الفصل بين أنواع المشاريع حسب طبيعتها وحجمها.
وقد رأيــــــت مؤسسات كويتية – مثل النقل العام – استفادت من تمويل تجديد اسطول الحافلات عبر تمويل «تنموي» تعادل تكلفته أقل من نصف التمويل «التجاري»، ما ترك لها سيولة بالملايين استفادت منها في تكوين محفظة استثمارية صارت بمثابة الظهر الصلب لميزانيتها السنوية – كان التمويل أيضا من البنك الإسلامي للتنمية - وهو تصرف رشيد يحقق تطوير النشاط مع سلامة المركز المالي من أكلاف تمويلية باهظة تسببت في حالات أخرى في عجز مالي مزمن.
الجهاز الإداري في الدولة الذي يعرف أن تمويل «خطة التنمية» له تكلفة يجب أن تحسب جيدا سيتصرف بطريقة أفضل مما لو جاءت الأموال بسهولة من الاحتياطي العام للدولة، حيث سيهتم بقياس الفرصة البديلة وتتنامى لديه ثقافة المحاسبة والمساءلة الداخلية، فهو يواجه متابعة من الجهات التمويلية عن بنود الصيانة والتأمين والتدفقات النقدية ولابد من تقديم الإجابات سنويا، في حين قد يكون الأمر روتينيا في حالة التعامل مع «الحسابات الختامية» بالشكل المألوف.
باختصار، يجب إزالة فكرة أن التعامل مع التمويل هو مؤشر عجز مالي، هذا غير صحيح على الإطلاق، وتنفيذ خطة ضخمة جدا يتطلب بناء شراكات فنية دولية + مالية محترفة.
وسلامتكم.
كلمة أخيرة:
نفذت «الأمانة العامة للأوقاف» عددا من مشاريعها بالتعاون مع «البنك الإسلامي للتنمية»، حيث قدمت الأرض وتولى البنك تمويل البناء بالكامل، 17 مليون دولار، على أساس المشاركة المتناقصة، تم السداد من الإيجارات، و«الأمانة» تملك اليوم «برج السلام» الراقي في شارع فهد السالم، وبذلك استفادت من المبلغ المتوافر لديها المخصص للبناء، واستثمرته بأضعاف تكلفة التمويل التنموي، مثل ذلك حدث في مشاريع أخرى في الكويت، الشراكة النافعة جديرة بالاهتمام.
[email protected]