فيصل الزامل
المناخ السياسي في الكويت مـشابه للمناخ (الطقس)، ليس في موسم السرايات فـقط الذي نعيشه هذه الأيام، حـيث نفاجأ بتصـريحات تهطل كالبـرد الذي يكسر الزجـاج، وتلك الندوات التي تصـعق كالبـرق، الأمر أطول من هذا الموسم، إنها طبيـعة المناخ «السـياسي» القاري، شـديد في برودته شتاء وفـي حرارته صيفا، فـالتصعيـد صار هو الأساس، وان لم يوجد له سبب فان الطبيعة المناخية، أو التركيبة السياسية ستوفر له ما يكفي من الأسباب.
بعيدا عن الرمـزية، لقد نشبت الأزمة الحـالية كما يحدث كل مـرة عبر تلقف الصحافة لكلمات في ندوة غرفة التـجارة التي يقال مثلها كثيرا في ديوانية هنا وهناك، تبعت ذلك دعوة الصحـافة للشيخ راشد الحمود كي «يدلي بدلوه»، فأدلاه، وكان رد الفـعل الصاخب من البعض، الذي لم يكن بحاجة إلى تحفيز، فهو متحفز على الدوام، لهذا يتجاهل هذا البعض، أكثر من تصريح ايجابي للقيادة السيـاسية حول الموقف من الدستور، ويفرح بتلميح من الـشيخ راشد الحـمود ـ مع احترامـنا له ـ ولكنه بغير صـفة رسـميـة تجـعل من رأيه مـعـبرا عن احـد سـوى نفـسه، حـيث تصـدر تصريحـات عن أفراد من الأسرة في هذا الشأن متنـوعة التوجـهات، ولا يمكن اعتـبار أي منهـا معـبرا عنهـا مجتـمعـة، وليس إمامنا إلا القـيادة السياسية لتعبر عنها.
نعم، بالنسبـة للكويت يعتبـر الدستور وثيـقة تعاقـدية بين الشعب والحـاكم، وهي وثيـقة راقـيـة تحـقق التوازن بـين نظام الحكم الوراثي واحتيـاجات العصـر، ولا يصح العبث بهذه الوثيقـة من جانب أي طرف لممارسة التسلط على الناس، سواء بالتهميش أو بالتقديس.
لقد تأقلمت بعض صحفنا مع «المناخ» السياسي فهي تزدهر مع تقلبات الطقس وتخـبـو مع هدوئـه، أو هكذا يعـتـقـد البـعض، علمـا أن الرواج الاقتصادي والأنشطة المكثفة في البلاد يجعلانها مقروءة على مدار العام، إلا إن البعض يعتقد بأن أجواء التصعيد ترفع من معدلات الطلب، وتتردد عبـارة «هل قرأتم مـا نشرته «. . . » عن فـلان، ورد فلان عليـه. . الخ» فإذا وصلت هذه العبارات إلى البـعض في صحافتنا فانه يعتـبر انه قد لامس نجوم الثريا بالنجاح.
لقد كان التوجيه السامي من صاحب السمو الأمير لأفراد الأسرة بالنأي عن التصريحات والممـاحكات الصحافية توجيها سليـما، فانه ما من حلم أحب إلى الله من حلم وال على رعيـته، وإذا كان الصبـر مندوبا عند جور الحاكم، فكذلك هو عند جور احد أفراد الرعيـة، ألم يصبر الإمام أبو حنيفة على رجل تابعه وهو يسير وكان يمطره بـكلام سيئ، فلما بلغ أبو حنيفة منزله وقف عند الباب وقال له: «هل فرغت، فأدخل منزلي؟» واليوم يتبع اجتهاد أبي حنيفة ومذهبه ثلثا العالم الإسلامي، ولا يعرف شاتمه احد.