كان لقاء الخميس الماضي بين سمو رئيس مجلس الوزراء والصف القيادي في الدولة أكثر من هام لتحقيق التجانس في الخطوات، وعدم تضارب القرارات أو تقدم بعض الأجهزة مع بطء غيرها، فالدولة تواجه 798 مشروعا إنمائيا معظمها يستهدف إشراك المواطنين في التنفيذ عبر شركات مملوكة لهم، وفيما يتعلق بمسؤولية مجلس الأمة فمن اللازم التفريق بين موقف المجلس الداعم للخطة، بالإجماع، وبين الوضع التقليدي للنائب الذي يقوم على الكرم من مال غيره بتلك الاقتراحات التي يقدمها وهو غير مقتنع بها وإنما تفرض عليه بسبب النظام الانتخابي، لسان حال أكثرهم يقول «أتمنى ألا يؤخذ بهذه المقترحات، ولكن صورتي أمام الناخبين جميلة»، وهو موقف غير رشيد ولكن هذا هو حال النظام القائم، مع الأسف.
هذا شيء، والموقف الجماعي للمجلس من خطة التنمية شيء آخر، وعلى السلطة التنفيذية التفريق بين الأمرين، لهذا فلا شيء يحول اليوم بينها وبين البدء بالعمل، مع رجاء أن يعاد التوازن للعملية الرقابية التي لا يعقل أن تكون قبل بدء التنفيذ، فالأصل في العمل هو السير وفق النظام المالي والإداري المنظم بقانون، ومن ثم تتم الرقابة على مدى الالتزام بهذه الإجراءات، واذا تم إشراك الجهات الرقابية في المراحل التنفيذية فلا يمكن والحال كذلك تحميل مسؤولية الخطأ على المنفذ دون المراقب كونه شارك في التنفيذ من موقع «الرقابة السابقة»، إضافة الى أن مبدأ فصل السلطات يقتضي عدم تدخل أي منها في «صلاحيات» الأخرى، الأمر الذي يتطلب من مجلس الأمة تعزيز موافقته على تنفيذ الخطة بتطبيق ذلك الفصل بين المهام.
لقد أعلن الشيخ أحمد الفهد أن تكلفة تنفيذ المشاريع قد تضاعفت في الخطة الحالية بسبب عنصر الوقت، وهو أمر مرشح أيضا للزيادة مع كل تأخيــــر، من جانب آخر سوف يكشـف التطبيق نواحي قصـــــور يمكن استدراكها مثلما يحدث في أي خطة توضع لها دائما نسبة تغيير سواء بالنقص أو بالزيادة، مع أهمية ملاحظة المداخلات والتهييج المتوقع من أطراف قد تخسر مناقصة هنا أو تفوتها فرصة هناك فتلجأ الى تشكيك غير مبني على أساس سوى الانتقام، والضحية هي الرأي العام، بل أجهزة رقابية تسارع الى إيقاف التنفيذ بسبب الإثارة الإعلامية، وبذلك يتحقق غرض المنتقم، مثلما يحدث بين شخص وفتاة رفضت الانصياع له فيقدم بلاغا كاذبا بوجود قنبلة في الجامعة أو في المطار.. لينتقم!
سيروا على بركة الله، واعلموا أن ثقة الناس بكم كبيرة فلا تخذلوها سواء ببطء التنفيذ أو الانصياع للضغوط، ومن يشعر بالعجز فليبتعد من الآن، وبالعكس إذا وقف الجميع صفا واحدا، وتحققت الانجازات على أرض الواقع فستحفظ لكم الأجيال هذا الجميل على مر الدهور والأزمان.
كلمة أخيرة:
اعتاد الرئيس الأميركي على الالتقاء بالصحافة بشكل دوري، وليس من المبالغة أن يلتقي الناطق الرسمي باسم «العملية التنموية في الكويت» بالصحافة، وعبر وسائل الاعلام في الشهر مرة لتسليط الضوء على المستجدات وللمحافظة على الحماسة الحالية من أن تصاب بالفتور بسبب مرور الوقت، وبالطبع ليس أفضل من الشيخ أحمد الفهد للقيام بهذا الدور، سواء بسبب الاختصاص أو الخبرة في مخاطبة الرأي العام والجهاز التنفيذي في الدولة، في آن واحد.
[email protected]