قال: «عندما أقارن الحديث بين الاسلاميين والليبراليين في الكويت مع ما رأيته في الهند ودول أخرى أستغرب كثيرا، هناك المسلمون يقيمون مدارس بأموالهم ويدرس فيها المسلم والهندوسي والمسيحي بلا أي حساسية، بل رأيت في احدى مدارس يملكها المسلمون أن الناظرة أو المديرة من الديانة الهندوسية، وهي تدير المدرسة منذ 25 سنة بكفاءة ونجاح من غير أي حساسية، مادة الدين الاسلامي تدرس في وقتها وكذلك اللغة العربية بلا أي تحسس من غير المسلمين، في وقت الصلاة يذهب الطلبة والطالبات المسلمون الى مصليات خاصة بهم، مثل هذا رأيته في جامعة يملكها المسلمون في الهند منذ 28 سنة ويدرس فيها 30.000 طالب، تخرج منها عشرة آلاف مهندس حتى الآن، أيضا من دون أي حساسية، غاية ما في الأمر أن هذه المدارس تقام في مناطق ذات كثافة اسلامية عالية وبالتالي فان غالبية الطلبة من المسلمين، أحيانا 60% وأحيانا 70%، وقد انعكست هذه الطريقة المنفتحة على الطلبة الذين يستطيعون أن يمارسوا عملهم في الحياة الوظيفية مع سائر فئات المجتمع بغير تصنيفات مسبقة تنعكس على ترقيات وظيفية حسب الطائفة، هذا الشيء تخلصوا منه منذ مراحل الدراسة الأولى، وقد أدركت الشركات التي تستقطب الخريجين هذه الطبيعة في خريجي تلك الجامعة، ففي العام الماضي تخرج 514 طالبا في كلية الهندسة، تم توظيف 420 منهم قبل حفل التخرج الرسمي في شركات زارت الجامعة وقابلت هؤلاء الخريجين، ولولا تلك الطبيعة المتسامحة والتعليم الجيد لما تحققت تلك النتيجة، والأهم هي قدرتهم على العيش بسلام مع الآخرين» انتهى.
نحن في مجتمعاتنا العربية لا يتقبل معظمنا مسألة التعايش، ليس مع الهندوس بل حتى بعضنا مع بعضنا، الاقصاء والتهميش هما هواية بعض الليبراليين، هؤلاء لا ينطبق عليهم وصف ليبرالي، وكذلك التشكيك في عقائد المسلمين واستنطاقهم عما في مكنون صدورهم هي أيضا هواية بعض الاسلاميين، وفي ذلك غفلة عن الهدي الاسلامي «سأل عمر قادمين من العراق فقالوا، ارتد رجل عن الاسلام فقتلناه، قال، أفلا تركتموه وأحسنتم اليه، ذلك أحرى أن يتوب».
انني لا أزال أذكر بانزعاج شديد استجواب وزير الإعلام الأسبق الشيخ سعود الصباح الذي حمل عنوانا استفزازيا «المساس بالذات الالهية»، وقد كنت كتبت في حينه عن هذا الاستخدام غير السليم للشعار الديني، هذا الأمر يتكرر للأسف بين الفينة والأخرى، ولست هنا أدعو الى الصمت مع من يمارس الكفر البواح ويعطي على ذلك من نفسه برهانا، غير أن ردة الفعل العاقلة على نحو ما مر في حادثة وفد العراق أحرى بالاتباع من الاشاعة والاعلان الذي يزيد في الضرر ولا ينقصه.
أرجو من الجميع الاقتراب من الوسطية في الطرح، والحذر من الشهرة في أمر كهذا، فـ «من لبس لباس شهرة ألبسه الله لباسا من نار يوم القيامة»، كما أرجو من صحفنا ممارسة «ضبط النفس» ازاء اغراء الاثارة الذي يدفع الجميع ثمنه غاليا.
كلمة أخيرة:
«مركز الوسطية» فكرة نشأت في الكويت، تكررت في عدد من الدول الخليجية، ازدهرت هناك، وفي الكويت هي عليلة، لماذا؟
[email protected]