فيصل الزامل
يقول كـارستن شميـد، رئيس منظمة ألمانيـة لحماية البـيئة «أن حـركة الطائرات الكثيـفة فوق المحـيط الأطلسي تطلق من غاز ثاني أكـسيد الكربون خـلال عام كمـية تعادل مـا تطلقه السيـارات في العالم كله خلال 6 أشهـر فقط، وستـزداد هذه المسألة سوءا مـع تخفـيض أسعـار التذاكـر وكثافـة الرحلات، مـا يعزز ظـاهرة الاحتـباس الحراري، الأمر الـذي أدى إلى تفاقم مشاكل الجـفاف في أفريقيا وزيادة ذوبان الجليد في الشمال المؤدية الى الفيضانات التـي أغرقت ألمانيا قبل 6 أعوام، وزيادة الحرائق في استرالـيا وكاليفـورنيا بسبب الجفـاف، وفي ألمانيا تعادل حرائق منطقـة كولون في صيف واحد ما حدث من حرائق في 20 عاما». انتهى.
إنهم يتحـدثون عن التسخين العـالمي على انه سيقـتل أضعاف ما تقـتله الحروب خلال السنوات القـادمة، حيث تسبب ارتفـاع حرارة الأرض بنصف درجة عمـا كانت عليـه قبل قـرن في كل هذه الكوارث، وخلال نصف القـرن الحالي، أي إلى عام 2050، سيبلغ الارتفاع 5 درجات وتتضاعف أعداد الضحايا في البلاد الفقيرة والغنية على حد سواء، وينـعكس الأمر اقتـصاديا بالسـلب على الجمـيع، ما يتطلب تضـافر الجـهود الدولية.
لقد أشـار القرآن الكريم إلى سـخونة البحـار (وإذا البحار سـجرت) أي اشـتعلت، وأشار إلى (إذا زلزلت الأرض زلزالهـا)، وأشار سبـحانه وتعالـى (فارتقب يوم تأتي السـمـاء بدخـان مبـين، يغشـى الناس، هذا عـذاب أليم، ربنا اكـشف عنا العـذاب إنا مؤمنون).
إنها ظواهر كونية أخبرنا القرآن الكريم بأسبـابها (ظهر الفساد في البر والبحر، بما كسـبت أيدي الناس ليذيقـهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجـعون).
وقـد رأيت تقريرا تلفزيونيا عن الاحتـباس الحراري، يرفع فيه المتكلم يده أمام الشاشـة ويفتح أصابعه الخمس وهو يقول: «هذا ما فعلناه بأيدينا لهـذا الكوكب»، ومن خلفه تبدو صور انهيار الجليد، نعم (بما كسبت أيدي الناس).
وإذا كانت قصـة يوسف ( عليه السلام ) حول الاستعـداد لظاهرة الجفاف الذي استـمر سبع سنين قد أظهرت أهمية التخطيط المبكر لمواكبة ذلك الـبلاء والاستعداد له، ما أنقذ مصر من كارثة، وتطلب تجهيزات امتدت لسبع سنين لمواجهة سبع أخرى شداد، فإن بعضنا لا يؤمن بالتخطيط، ويكتفي بالتفكير في سنوات عمره «هو»، وانه لن يعيش لخمسين أو سبعين سنة أخرى قادمة ليرى ما يسمع عنه الآن، هذا تفكير قاصر، فالأمر أقرب من ذلك بكثير، فضلا عن أن أبناءك وأحـفادك، هم أمانة في عنقك، وسائر أبناء هذا الجيل ـ الذي سيعاني ـ سيتحدث عنك هكذا: «لقد كان آباؤنا مشغولين بملذاتهم، واستخدمونا حجة لجـمع أموال آثمة إشباعا لشـهوة المال، وكانوا يتصارعـون على النفوذ، وتركوا مصيرنا الحقيقي بغير أي جهود لحمايتنا منه، كما فعل يوسف گ، وأهل زمانه».
نعم، إن في العالم حركة نشطة لمكافحة العبث بالبيـئة، ولنا حصة فيها، فالخليج النظيف قد تلوث، والأنانية المفرطة قد شغلتنا عن التخطيط لما بعد النفط، ونحن نعلم يقينا انه ناضب.
من الظواهر الطبـيـعيـة، أن ينشق قاع الـبحـر فيلتـهم الماء كـما حـدث في زلزال «سونامي»، ثم تأتي من مـحيطات العالم كـمية هائلة من الميـاه لتعويض مـا غار في باطن الكرة الأرضية، و. . و. . رأى العالم جدار الماء العظيم، «سونامي».
انتظروا المزيـد، فـالأيام حـبلى، (منهـم الصـالحـون ومنهم دون ذلـك، وبلوناهم بالحسنات والسيئات، لعلهم يرجعون).