أحاديث بعض الاخوة في العراق عن الكويت مما نشره العزيز، كابتن سامي النصف، بعد لقائه بوزير الدولة العراقي السيد صفاء الدين الصافي قبل ايام بديوان معرفي عن تحديد الامم المتحدة للحدود مع الكويت وامور اخرى، مما تناوله الزميل بوعبداللطيف بالايضاح الرزين (تم التحديد عبر طرف دولي محايد بينما حدود العراق الاطول تنازل عنها صدام بشخطة قلم دون ان يطالب احد باسترجاعها، وعدم صحة معلومته عن رفع العلم الكويتي على السفن العراقية العابرة للممر المائي) الخ، هذه الاحاديث تؤكد استمتاع البعض في العراق بالشعور بالعظمة الكاذبة في وقت تنتهك فيه معالم الدولة عمليا من جيران كثر جعلوه بلدا منقوص السيادة دون ان يجرؤ هذا البعض على الكلام بحق تلك الانتهاكات، ما يجعل وصف «العظمة الكاذبة» هو استمرارا للحال الكئيب الذي يعيشه العراق مع نفسه قبل غيره.
نعم، هناك اصوات ناضجة في العراق تعرف المعلومات الحقيقية ولكنها اصوات غير مسموعة، وقد كان في الاردن مثل هذه الاصوات ابان احتلال صدام للكويت، ولكنهم تحدثوا علانية، مثل الشيخ عمر الاشقر الذي اتهم بالميل الى الكويت في عام 1990 حينما لفت انتباه خطباء الجمعة هناك الى عدم صحة معلوماتهم حول ما يجري في الكويت، هذه الجرأة لا نجدها اليوم في العراق الامر الذي يعرضه من جديد الى تضليل ليس من حاكم متغطرس مغرور فقط ولكن ايضا الى تدليس من اشخاص جدد دخلوا الى الساحة بغير افادة من التجربة المريرة التي لايزال بلدهم يئن من تأثيراتها المدمرة التي لم تتوقف منذ عشرين عاما.
قارن ذلك مع الشعب الالماني الذي وضع حدا للفكر النازي المدمر واعتبر الدعاية للنازية جريمة ويعاقب حتى على استخدام التحية بالطريقة النازية، وليست المسألة نصوص قانون فقط هناك بل احتقار شعبي للحقبة الكارثية التي عاشتها بلادهم لست سنوات، بينما لايزال العراق بعد مرور 20 سنة بغير ثقافة رشيدة يقودها عقلاء، ما يدفعه الى المزيد من النزيف في طاقاته بسبب تضليل اعلامي ينطلق من عقدة نقص وضعف ثقة مفرط.
ازاء ذلك كله، لا فائدة ترجى من الكلام المؤدب مع هذه العقلية التي عرفناها عن قرب ابان الاحتلال، والتي تحتقر الضعيف وتحترم القوي، بغض النظر عن موازين الحق ومعايير المنطق، فلنترك اسلوب الاسترضاء الفاشل، ولنستمر في تعزيز علاقاتنا الاستراتيجية بأشقائنا في الخليج واصدقائنا في دول الجوار، وعلى المستوى الدولي.
اما على المستوى الاعلامي فان حضور اقلام كويتية في الصحافة العراقية اولى بكثير من كلامنا هنا في صحافتنا، اقلام رصينة من نوعية الزميل المحترف سامي النصف، والباحث الاستراتيجي سامي الفرج وغيرهما، هذا التواجد هناك انفع من حديثنا لبعضنا البعض، وهي خطوة مستحقة من الجانبين، فهناك اقلام عراقية ايضا رصينة تكتب في الصحافة العربية والكويتية، ولها دور كبير في ايقاظ النائمين وتنبيه الغافلين، لا مجال لترك الامور في يد شخص يبحث عن دور، على حساب شعوب تنحر من الوريد الى الوريد، كفاية.
كلمة أخيرة: تستفيد دول كثيرة من الاحساس بالخطر في توثيق عرى الجبهة الداخلية، ونحن في الكويت اولى بهذا النهج لان الخطر ليس وهما ولا تخويفا، بل شيء وقع فعلا، وها هو يجدد نفسه رغم الكوارث الماحقة التي تضعفه، فما هو الحال اذا تخلص من تلك الكوارث؟
لقد كان سلاحنا الاقوى في محنة الاحتلال هو التماسك الصلب، ووحدة الصف وهي التي اقنعت العالم باستحقاقنا للدعم، هذه الوحدة هي اقوى اسلحتنا فلا تفرطوا فيها، اكرر لا تفرطوا فيها، لاجل ابنائكم الصغار، واحفادكم من بعدهم.
[email protected]