تحدث مستشار المرشد الإيراني للشؤون الخارجية، وزير الخارجية الأسبق، علي ولايتي، في لقاء تلفزيوني بمناسبة ذكرى استرجاع مدينة المحمرة من القوات العراقية قائلا:
ـ علّق الإمام الخميني على هذا الانجاز قائلا: «لا يوجد من هو أفضل من شعبنا ولا حتى شعب رسول الله».
ـ أمر الخميني باستبدال تسمية شط العرب باسم فارسي «آروند رود»، رغم أن اتفاقية 1975 في عهد الشاه لم تستخدم هذا الاسم.
ـ علق ولايتي على ذلك بقوله: «كانت نزعة الإمام القومية مقدمة على مركزه كقائد للعالم الإسلامي».
ـ وقال أيضا «استرجاع المحمرة كان مقدمة لمنع العراق من السيطرة على الأهواز ذات الأغلبية العربية، مثلما حدث مع روسيا عام 1826 عندما احتلت منطقة القوقاز آذربيجان».
في الحقيقة لم يعد يهمنا هذا الملف برمته، فهو شأن إيراني ـ عراقي، وسبب عدم الاهتمام ليس التجاهل ولا حتى التصرفات العراقية الأخيرة تجاهنا، بقدر ما هي الخشية من أن نكون ملكيين أكثر من الملك، فالعراق نفسه قابل بالهيمنة الإيرانية على شؤونه، وهو بصدد توقيع اتفاقية حدودية يتنازل فيها عن عدد من الحقول النفطية، وقد كشفت حادثة احتلال إيران لتلك الحقول عن ترتيبات لضمها الى إيران، إلا أن «الجماعة استعجلوا شوية»، وعليه، «طب احنا شكو؟».. فالنفط العراقي يباع الى مصافي ايران بسعر بخس، ولهذا يشغلون الشعب العراقي بالحديث عن الكويت لصرف انتباههم عن ثرواتهم المهدورة.
السبب الوحيد لاهتمامي بهذا الموضوع هو الهوية الإسلامية للثورة الإيرانية التي لم تنجح إيران في الحفاظ عليها كما أرادها المؤسسون لها حتى من قبل الخميني، فقد كنت أتحدث قبل أيام عن الأبحاث المبكرة في علم الاقتصاد الإسلامي في تطبيقاته الحديثة، وأشرت الى كتاب السيد محمد باقر الصدر «اقتصادنا» الصادر في عام 1991، هذه المبادرات في تأسيس الفكر الإسلامي مشكورة، وهي ـ مع غيرها ـ التي حفزت الانجازات الكبيرة في هذا الصدد، وإنما تكمن المشكلة في الانعطاف عن مسيرة الفكر الإسلامي الى الباعث العرقي، كما حدث في دول عربية وقفت فيها تيارات إسلامية سنية مع العدوان العراقي بعيدا عن الميزان الشرعي (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا..)، ولجأوا الى تضليل أنفسهم وتضليل الناس بمسألة الوجود الأجنبي، هذا الانعطاف مذموم سواء حدث في بلد عربي أو في إيران، لأنه يهز الصورة الدينية لها، ويخضعها للنزعة الأنانية، والبواعث «النفعية/ الفضيحة» أمام رأي عام إسلامي يتجاوز الحدود والمكان والزمان.
كلمة أخيرة: أثناء الاحتلال استوقفني ضابط عراقي عند نقطة سيطرة، في نفس يوم مؤتمر جدة، سألني بأسلوب نعرف معه أنه بعثي: «اشرايك بمؤتمر جدة؟».
ـ زين.
ـ اشلون يعني زين؟
ـ أي شيء يجمع الناس على كلمة واحدة، فيه خير.
ـ خير شنو يعني؟ الكويت للعراق الى الأبد، ولو صدام نفسه يقرر ينسحب منها أسبوع ما يبقى بكرسيه.
ـ «كاهو انسحب من المحمرة بغير قتال» وين راحت أرواح 400 ألف عراقي، هدر؟!
توتر الضابط، قال بحدة: أنا مستعد أناقشك، أنا راح أقنعك..
قاطعته مشيرا الى السيارات التي ازدحمت خلفي، قائلا: ترى صار وراي زحمة.
ـ إي.. روح، روح.
عندما وصلت الى الديوانية التي كنت أقصدها نقلت لهم الحوار فهاجموني بشدة لمحاورتي إياه، وانه كان ممكن يسحبك، قلت لهم: «أولا، هو كان يسأل ويفرض عليّ المحاورة، لا يمكن أقول له صح كلامك طال عمرك، ما قلتها في بغداد لابن سعدون حمادي علشان أقولها لهذا الضابط، لابد من الرد الواضح، والله الحافظ».
[email protected]