ما الذي يجعل إسرائيل تشعر بكل هذه الثقة، لتقتل ركاب سفن جاءوا يحملون أدوية ومواد حصلوا على إذن بشحنها من السفارة الإسرائيلية في تركيا، التي اعترضت على بعض المواد ـ بيوت جاهزة ـ فاستبعدت؟
ما الذي يجعل شخصا واحدا «جلعاد جاليط» أثمن من مواطني 16 دولة، ناهيك عن شعب كامل يسكن في غزة؟ ما الذي يجعل إسرائيل تنسى عواقب هذه الغطرسة على الأجيال اليهودية القادمة عندما تتبدل الموازين وتضعف قوى الدعم الأميركي لها، فتتحمل تلك الأجيال سخط سائر الأمم عليها، يومها لن يبالي بهم أحد إذا حدثت عمليات انتقام واسعة ضد اليهود، فقد رأى العالم وسمع وعاش غطرسة وعنجهية هذا الكيان، ولابد أن يدفع أحد ما ثمن تلك الغطرسة.
قبل يومين قال أحد اليهود على شاشة التلفزيون: «القرآن يحث المسلمين على قتل اليهود، نحن لنا نفس الحق» الجواب هو ما قاله حاخام يهودي أمام الرئيس الأميركي السابق «بوش الابن» بحضور الشيخ حمزة يوسف، أميركي، وكبير أساقفة نيويورك: «سيدي الرئيس، الإسلام شيء والإرهاب شيء، نحن اليهود عشنا الاضطهاد والتطهير العرقي في اسبانيا إبان حقبة محاكم التفتيش والذين استقبلونا وحفظوا لنا حق الحياة هم المسلمون في المغرب وتركيا».
إنها «محاكم التفتيش» التي حثت على قتل اليهود وغير اليهود، وأما القرآن الكريم فقد قال (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين)، نعم، الجزاء سيكون من جنس العمل، وستواجه الأجيال القادمة في إسرائيل مثل الذي تفعله الآن، عندما يضعف الدعم لإسرائيل، ولن يجدوا نفس المعاملة التي حدثت في تجربة اسبانيا، وعندئذ سيتفهم العالم ردة الفعل، فقد رأى جرائم التطهير العرقي الأطول أمدا في العصر الحديث، وعانى من استخفاف كامل بالمجتمع الدولي ما يجعل تطبيق مبدأ «الجزاء من جنس العمل» مسألة وقت فقط.
اللهم ارحم من سقط شهيدا في عملية «قافلة الحرية» وتغمده بواسع رحمتك، وارفع قدره في عليين عندك، فقد قام هو ومن رافقه بما عجزنا نحن عن القيام به، تحية تقدير كبيرة لكل فرد منهم، وجزاكم الله خير الجزاء.
كلمة أخيرة: تعرفت على الشيخ رائد صلاح قبل سبعة أعوام في مكة المكرمة، كان يحمل روحه على كفه، حدثني عن الأقصى وضرورة الحفاظ عليه، قال: «سمعنا من كبار السن أنه يوجد تحت المسجد مصلى ضخم بنفس حجم المسجد الأقصى، قمنا بتجهيز مواد البناء والأسلاك لتوصيل الإضاءة في أماكن قريبة من المسجد، وفي ليلة واحدة فقط فتحنا القبو في الموقع الذي ذكروه لنا فوجدنا السرداب كما وصفوه، قام الشباب بتنظيفه بسرعة وتبليطه ومسح حوائطه، وتمديد الكهرباء، لم يطلع الفجر إلا والمصلى جاهز، ولله الحمد». ثم أهداني قارورة زيت من شجرة نابتة في الأقصى المبارك.
أخي رائد، إن يقسم الله لك السلامة فنحن أسعد الناس بحياتك، وإن يقسم الله لك الشهادة فالملأ الأعلى أسعد الخلق بمقدمك، حفظك الله في الدارين، وجمعك بمحمد، نبيك وحبيبك صلى الله عليه وسلم، والله نسأل أن يجمعنا بكما وبالصحب الطاهر، آمين.
[email protected]