فيصل الزامل
ذكرى هزيمة يونيو 1967 تحمل معها تساؤلا كبيرا حول درجة الافادة من التجارب العربية السياسية والعسكرية، والتي تساوي صفرا كبيرا، حيث انتقلنا من الهزيمة امام العدو الى التقاتل وفق اجندة العدو.
لم يكن الاسرائيليون قادرين على تدمير المنازل الفلسطينية بهذه الوحشية لولا احتماء مطلقي الصواريخ بالاحياء السكنية ما جعل الرد على مصدر الاطلاق هو المبرر الذي تنشره اسرائيل في اعلامها الدولي ليصمت العالم عن مجازر لاسر وعائلات بأكملها واطفال من مختلف الاعمار.
مثل ذلك حدث في قانا اللبنانية وغيرها من البلدات في الصيف الماضي، وهو يحدث اليوم في مخيم نهر البارد، حيث لم يكتفوا باستخدام المدنيين دروعا بشرية، بل استخدموا جثثهم وقاموا بتفخيخها بالمفرقعات، ما ادى الى تجريد الميت من الحرمة نهائيا، واللجوء الى تفجير تلك الجثث عن بعد.
في درس يونيو 1967 كانت البطولة هي الوصف اللائق ـ عربيا ـ لمن تسبب بتلك الهزيمة الماحقة، وهو امر تكرر بعد حرب الصيف الماضي، وفي سائر الحروب العربية، حيث الالفاظ تستخدم بصورة عكسية، والغرض هو حماية المتسبب بالهزائم من المساءلة.
ترى ماذا سيقول الذين تورطوا في تقديس أبطال الهزائم، اذا مرت السنون، كما حدث مع يونيو 67، وظهر جيل جديد ممن شردتهم تلك الهزائم واخذ في كيل الشتائم للجيل الذي اعتبر تشريد الآخرين بطولة، بينما هو ينعم بالسكن الآمن في بيته ووطنه؟
انهم من ضحالتهم يعتبرون ان مراجعة اسرائيل لنتائج حرب الصيف هي دليل على انها قد تعرضت للهزيمة، بينما هم في تل ابيب يتفقدون نقاط ضعفهم وما من جيش ولا معركة الا وفيها نقاط ضعف، اما الحقيقة الكبيرة فهي ان الاستقرار قد هيمن على الحدود اللبنانية ـ الاسرائيلية ليس بسبب زيادة التواجد الاسرائيلي هناك، ولكن لان من تسبب في حرب الصيف قد بات ساهرا على منع تكرارها في الجنوب.
الشيء الوحيد الذي تغير بين يونيو 1967 واليوم هو ان «الاستخفاف» بالشعوب العربية كان يتم تحت الراية القومية، وهو اليوم يجري باسم الاسلام، وباستخدامات هابطة لشـــعاراته، التي اضافت الى المأساة حكاية الانتحار الجماعي للمغرر بهم، وهو ما لم يكن يحدث في الحقبة القومية، التي كان الناس فيها يكتفون بحرق السجائر في اجسادهم من الغيظ، بينما اليوم.. آه مما يجري اليوم.
لقد صرنا اضحوكة بين الامم، وعــجزنا عن حماية الشارع العربي من الاستغلال بواسطة استخــــبارات دول كثيرة، وقودها هو اجساد الشباب العربي، وساحتها هي المدن العربية، ومادتها هي الخطاب الديني المخترق حتى النخاع.