رفع إلى الحاكم في حينه، موضوع امرأة أرملة لديها أيتام باعت بيتها إلى شخص كان على علم بأن البيت سوف يتم استملاكه من قبل الدولة بقيمة 1.650.000 دينار بينما اشتراه هو منها بـ 550.000 دينار، ونجح في الحصول على توقيعها على دفتر الدلال، ولم تنجح وساطات أهل الخير في رد العربون إلى الشخص الذي غرر بها، بسبب كثرة دخوله إلى الإدارة المختصة بشؤون المخطط الهيكلي، وهناك كان يستخلص المعلومات من المهندسين بطريقته الخاصة (...) فلما نظر الحاكم في الأمر من جميع جوانبه استدعى الرجل وبطريقة هادئة وأمام المسؤول المختص طلب منه معالجة الأمر بالحكمة، ولكن كان رده: «إذا لها حق تأخذه بالمحكمة».
فقال له الرجل الحازم «ما دعيتك عندي علشان أسمع منك هالكلمة، فلان، عطني دفتر الدلال، راوني الورقة اللي وقعتها المرأة».. ثم مزقها بيده، وطرد الرجل من مجلسه، هذا الحزم من ولي الأمر يحلو للبعض المشاغبة عليه بالتشكيك في صحة التصرف، والصحيح أن تصرف ولي الأمر لا يقارن بغيره فيما يتعلق بحفظ النظام والحقوق العامة في ظرف كهذا يغلب فيه الاحتيال والنصب، ولو خضع لتلك المشاغبات لأصبحت الدولة في يد النصاب، يستدعي رجل الشرطة ليطرد هذه الأرملة وأيتامها من بيتها، وهو أمر شاع وانتشر هذه الأيام، مع الأسف الشديد، فالغاصب المحترف الذي تكرر منه الغصب صار حريفا في التغرير بالناس بينما ليست لضحاياه خبرة يتحاشون معها مكائده ما يسهل عليه الإيقاع بالشخص تلو الآخر، وفي غياب الأسلوب الحازم صارت بعض مرافق الدولة ألعوبة في يده.
سمعت قبل فترة عن اهتمام بعض المسؤولين بتعزيز هيبة الدولة، وهو شيء جيد، ويحقق للمواطنين الحماية من المتمردين، تطبيقا للقول الشعبي الدارج «ما انحطت السلاطين إلا للشياطين»، والهيبة الفعلية ليست في الشكل بل في الجوهر، عبر القرارات التي تنفذ والقوانين التي تطبق، وهو توجه حميد ومبارك يحظى بدعم كل مواطن يرى ما يجري في دول مجاورة من تعد وغصب تحول الى فلتان كامل بسبب غياب هيبة الدولة، ولا يتمنى أحد أن يصل هذا الداء الوبيل الى بلده بأي صورة كانت.
سئل رجل من بني عبد القيس: «بم سدتم؟» فقال: «نحن عشرون ألفا، وفينا حازم نطيعه»، وبغير قبول مبدأ الطاعة للقانون وللدولة فإن البديل هو الفوضى التي لو قورنت بخطأ في اجتهاد من الحكم لرجح تحمل الخطأ على شيوع الفوضى.
كلمة أخيرة: العبارات التي صدرت من النائب دليهي الهاجري بحق د.هلال الساير كانت مزعجة شكلا وموضوعا، كون الرجل يطبق القانون، والاعتذار الذي تقدم به النائب يحسب له في بلد لا يطبق كثيرون فيه مبدأ الاعتذار، بل نجد منهم الإصرار والمكابرة، ونتمنى ألا يقتصر ذلك التصرف المشكور على حالة كان يمكن أن تتطور قضائيا بشكل درامي وحساس (...) بل أي خطأ من هذا النوع يحتاج إلى تراجع فوري، بشكل يبين حجم الثقة بالنفس.
[email protected]