تحدث محامي هشام طلعت لمجلة «صباح الخير» عدد 6/7/2010 عن أسلوبه في العمل فقال: «دائما أقول لتلاميذي في المهنة، لو استطاع المحامي أن يخلق تصورا للجريمة مختلفا عما هو مكتوب في الورق فانه يكون بذلك قد نجح كمحام جنائي».. هذه الطريقة يستخدمها بعض المحامين عندنا وبالذات عندما يمتهن احدهم الكتابة في القضايا السياسية، ومع مرور الوقت وكثرة كتابته يصل ـ أو هكذا يعتقد ـ إلى خلق تصور للأوضاع في الكويت مناسب للحال الذي يشتهيه.
بعبارة أوضح، لست متفقا مع سمو رئيس مجلس الوزراء في بعض المسائل، ولكن نقل البعض النقاش الى شخصه، وصولا الى أقوال توجب المساءلة القضائية، والعمل الدؤوب على «خلق تصور كارثي للبلاد» سعيا وراء نشر القنوط، هو مسلك يائس، ولسنا ـ بالمطلق ـ مع اليائسين، مهما ضايقتنا الأخطاء وآذانا التراجع في الأداء والبطء في التنفيذ، وهي أمور يتحمل أكثر من طرف مسؤوليتها، الأمر الذي يجعل عبارة «اذا طبع دوس تريجه» حمقاء، لأنها تعني أنك إذا رأيت بيتا يحترق فاسكب عليه مزيدا من البنزين حتى تسرع في عملية الاحتراق.
وفي هذا الإطار لا نملك إلا تأييد بيان جمعية المحامين الكويتية التي نددت بمحاولة التشكيك في القضاء، في بيان جاء فيه: «... وان حق التقاضي مكفول لجميع الناس وهو حق مقدس كفله الدستور، ويتساوى فيه رئيس الوزراء مع أصغر مواطن، ومن حق رئيس الوزراء كما هو من حق أي انسان أن يلجأ الى القضاء اذا ما شعر بأن ظلما وقع عليه، أو ان حقا سلب منه، وان الاحكام التي يصدرها هي عنوان الحقيقة، وطرق الاعتراض والطعن عليها محددة بالقانون، والعبارات والادبيات التي تستخدم في الطعن على هذه الاحكام معروفة ومحددة جيدا، فضلا عن ان جميع الاحكام القضائية تصدر باسم صاحب السمو الأمير حفظه الله، وعليه فإنه لا يمكن القبول بتوجيه ألفاظ مثل القمع والتنكيل والملاحقة السياسية بمناسبة صدور احد الاحكام القضائية الذي لا يوافق هوى بعض الناس، ولا يمكن القبول باتهام القضاء بأنه خاضع للضغوط السياسية، وانه يجامل رئيس الوزراء في أحكامه لا لشيء الا لأنه اصدر حكما لا يتفق مع ما تريده فئة اخرى من الناس، فلا سلطان على القاضي في حكمه، والقاضي لا يمدح أو يذم على حكم أصدره، وهو اثناء ممارسته لرسالة ارساء العدالة لا يضع امام عينيه سوى غايتين هما ارساء قواعد العدالة وإرضاء ضميره». انتهى.
هذا الموقف ـ من مختلف أطياف المجتمع ـ يستهدف ترسيخ المرجعية القانونية في البلاد، ومن ثم تعزيز الاستقرار فيها، ولا يتحقق ذلك الا مع زيادة اطمئنان الناس بوجود هذه المرجعية حية، يقظة، مؤتمنة على ما كلفها به المجتمع.
وفي نفس الوقت فإننا بحاجة الى وقفة مراجعة لأسباب بطء الانجازات، فلا يمكن أن نحاسب المسؤول التنفيذي بينما نتغاضى عن نائب يهينه علنا ثم تتم مراضاته، بدلا من الاعتذار العلني منه لمن أهانه.
نتمنى أن تتابع الدولة مسيرتها بثقة كبيرة، ومثلما تضافرت الآراء على حق رئيس الحكومة في التقاضي، فإن من حق الوطن أن تتلاحق الإنجازات، فـ «لسان الحال أبلغ من لسان المقال».
كلمة أخيرة: «التريج» هي حافة البوم، أو الشوعي، أو أي محمل كبير، وهي الجزء الذي يبقى فوق سطح الماء اذا ما بدأ المحمل بالغرق (يطبع)، وبعيدا عن الجانب البحري، فإن العبارة المذكورة أعلاه كانت تستخدم بطريقة سلبية، مثل عبارة «خاربة.. خاربة» وهذه العبارات سيئة ومرفوضة، وفي الحديث الشريف «من قال هلك الناس، فهو أهلكهم».
[email protected]