قال عن تجربته في العمل الخيري: «الناس مشغولون بجمع المال ومعظمهم لا يجد اللذة التي نشعر بها عندما ندخل الى دار للأيتام في قرغيزيا أو اندونيسيا فيتراكض الأطفال نحونا في سعادة يستغرب منها حتى المدرسون في تلك المدارس، أما نحن فنكاد أن نطير من السرور، هل تتخيل حجم السعادة من رؤيتك أهل القرية وهم يتسلمون أرغفة الخبز بشكل يومي من فرن خيري قمت أنت ببنائه من مال أحد المحسنين؟ فقراء الى أبعد الحدود، بلادهم باردة في الشتاء الى درجة عشرين تحت الصفر، ما يجعل توجههم نحو المخبز كل صباح سببا لتأمين الغذاء الأساسي، ومعه تموين شهري تقدمه الجمعية لعدد من الأسر في تلك القرية، انها سعادة وسرور لا يشعر بهما الا من عايش تلك الأجواء» انتهى.
تذكرت حديث صاحبي هذا بعد قراءة خبر نشر في 2010/8/5 جاء فيه «أعلن بيل غيتس أن 40 من أغنى أثرياء الولايات المتحدة قد قرروا تحويل نصف ثرواتهم لصالح المحتاجين والفقراء» ويقوم بيل غيتس مع زوجته ميليندا بحملة «تعهد العطاء» ويشاركهما في قيادة الحملة ثاني أغنى أغنياء الولايات المتحدة، وارن بافيت، الذي قال بعد إعلانه عن نجاح المرحلة الأولى من الحملة «لقد بدأنا للتو، ولكن حجم التجاوب هائل وأكبر مما كنا نتوقعه، كثير ممن التقينا بهم تعهدوا بأكثر من نصف ثرواتهم حسبما تطرحه الحملة، لصالح المحتاجين والفقراء»، وقالت ميليندا «لدينا بركة أكبر بكثير من كل توقعاتنا ونحن سعداء جدا ونقدر هذا التجاوب، ونشعر بمسؤولية كبيرة حول طرق توجيه تلك الأموال بشكل جيد يحقق الهدف بأعلى مستوى».
طبعا، المتوقع من الرجال والنساء الذين نجحوا في إدارة ثرواتهم أن ينجحوا أيضا في توجيهها لتحقيق هدف الحملة بشكل آمن ومفيد لأبعد الحدود، وقد أعجبني ما سمعته من أحد المتدينين العائدين من الولايات المتحدة، قال: «مشهد الفقراء الذين يرفعون يافطة عند إشارات المرور تبين جوعهم وعدم وجود مسكن أو دواء، هذا المشهد في تزايد، كنت أحرص عند رؤية أي منهم على مد يد العون، وأسمع منهم god bless you وفي إحدى الحالات أخذ شاب هزيل الخمسة دولارات التي أعطيته إياها وترك التسول واتجه مسرعا إلى مطعم قريب، كانت يافطته تقول «أنا جائع جدا»».
نعم، العمل الخيري يشعر من يمارسه بالسعادة، سواء كان من يخرج المال أو من يوصله ومن يحوله الى مشروع يغذي ويلبس الفقراء ويوفر للمشردين المأوى من برد الشتاء وظلمة الليل الموحش.
وفقكم الله جميعا، أيا كانت ديانتكم، ومهما كان حجم ما تقدمونه، ففي كل كبد رطبة أجر، و«اتقوا النار ولو بشق تمرة».
كلمة أخيرة:
قالت لي جدتي يرحمها الله، بلهجتها النجدية: «يا وليدي، هذا واحد فقير شاف من هو أفقر منه ولا عنده إلا قريص خبز، قام قصه بالنص وعطاه، النبي دعا للفقير بالجنة، سمع ذاك التاجر اللي عنده خيرن كثير، قوم طلع عشرين قرص خبز وعطهم للفقارى، النبي ما دعا له بالجنة، قال التاجر للنبي «ورا ما دعيتي لي وأنا طلعت أكثر من ذاك الفقير؟». قال له النبي «مير ذاك طلع نص ما يملك، وانت طلعت قليلن من كثير». شفت يا وليدي؟». أي والله يا جدتي، شفت عقبك أنواع من الناس، الله يغمد روحك الطاهرة الجنة الواسعة يا أم محمد.. آمين.
[email protected]