فيصل الزامل
تصريح الوزير الشيخ علي الجراح يوم امس - «كل ما أطلبه من الاخوة النواب هو الاستماع الى الردود، ثم ليحكّموا ضمائرهم» - هو اشبه بالمناشدة التي يوجهها المتهم الى هيئة القضاء «ارجوكم ان يكون الحكم بعد المداولة، لا قبلها».
هذا الحق الطبيعي الذي يمثل ابسط مظاهر العدالة اختفى تقريبا في الممارسة السياسية التي نعيشها، حيث اصبح استجواب وزير النفط موضوعا جانبيا، وربما مجرد قنطرة لمواضيع اخرى ليس من بينها اصلاح القطاع النفطي.
تصريح سمو رئيس الوزراء يوم امس الاول اكد هذا الهاجس، حينما اشار الى ما مفاده «المال السياسي لن يستخدم لتغيير مواقف النواب»، لم يكن هذا التوضيح ليطرح لولا كثرة تداول الناس لهذه المسألة.
اثناء الاستجواب الاخير لوزير الصحة، كانت الوزارة في حالة استنفار لانجاز ملفات النواب بالجملة والمفرّق، ولم تصمد اي لوائح امام «لا مانع»، والنتيجة كانت: صفر كبير.
وزير النفط الشيخ الجراح طلب ان يكون الاستجواب موضوعيا وهذا ايضا من حقه، فقد سئم الناس الاساليب الاستعراضية التي تتحول معها الممارسة النيابية الى مباراة في الملاسنة، مادتها ليست المعلومات، لكنها «الاساءات» ومحاولة اخراج الوزير عن هدوئه بعبارات «هذي ابتسامتك الصفراء» و«راح نلف الحبل على رقبتك».. الخ.
ان النائب «المستجوب» قادر على كسب اعجاب الرأي العام حينما يتحلى بروح المسؤولية ويبتعد عن الاساليب الانتقامية، «.. وعلى شنو؟!».
القطاع النفطي بحاجة الى عناية الدولة - الحكومة والمجلس - فقد اصابه من الاهمال الشيء الكثير (تجديد المصافي، حقول الشمال، تطوير الكفاءات البشرية، الصيانة.. الخ) وهي امور تفوق في اهميتها تصريحا صحافيا لا يمكن ان يكون هو في كوم ومصالح القطاع النفطي في كوم.
باختصار، الكويت انشلت بسبب تصريح صحافي، وهذا الامر سيتكرر كما ذكر الزميل سامي النصف ذات مرة «لو قدر لنا ان نقرأ الصحف الكويتية عام 2050 فسنقرأ نفس القضايا، فالمعادلة المستخدمة ستفرز نفس المخرجات الى امد غير محدود ما لم يتم تطوير هذه المعادلة».
ختاما، لم نكن نتمنى ان تصل الامور الى هذا الشكل من التشنج والتصعيد، وهو امر كان بالامكان تحاشيه بالمواءمة والحكمة، الا ان هذا الملف - استجواب وزير النفط - ولد وترعرع في شارع الصحافة، وتم تداوله بين السياسيين - بالكامل - عبر التصريحات اليومية بين اخذ ورد، لهذا تحول الى هذا الحجم، وستتكرر نفس الممارسة والمخرجات، فالمعادلة المستخدمة منتهــية الصلاحــية ولا بد من تطويرها الى الافضل.