بناء المساجد بالضخامة التي انتشرت في الكويت في السنوات الأخيرة يدل على زيادة اقبال فاعلي الخير، جزاهم الله خير الجزاء، على الاهتمام ببيوت الله، واذا سمح لي من له علاقة بقرار البناء الضخم، اذا كان من المسؤولين عن تنفيذ وصية الثلث، بأن أنصحه بالعمل على زيادة حجم الأجر لمن أوصى بالثلث، فهو أحوج ما يكون الى مضاعفة الثواب.
تبلغ تكلفة بناء مسجد في بلد كالهند - مثلا - ومعه بئر ماء أربعة آلاف دينار، وتبلغ تكلفة بناء مسجد ضخم في الكويت نحو المليون دينار أي أنه يعادل بناء ربع مليون مسجد في الهند، يصلي في هذه المساجد 25 مليون انسان يوميا، هل يتساوى الأجر مع مسجد يصلي فيه مائتا انسان يوميا، على أكثر تقدير؟!
يجب توعية المتبرع أو المتبرعة بالفارق الكبير في الأجر، والذي هو الهدف الأساسي من بناء المسجد، كثير من الناس يتمنى أن يشاهد المسجد بنفسه وبقرب بيته أو في بلده ولكن بعد أن يغادر الدنيا سيتمنى لو تضاعف الأجر 25 مليون مرة، هذا التذكير موجه أيضا الى من وكلت اليهم مهمة ادارة الثلث فيما ينفع الميت في قبره ويضاعفه له أضعافا كثيرة، أرجو ألا يفوته بلوغ هذا الثواب الذي ينال منه مدير الثلث مثلما ينال الشخص الذي أوصى بذلك بالثلث رحمه الله، لأعمال الخير.
عليك يا عزيزي أن تجتهد في منفعة الموصي، ففي قوله تعالى (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) وهذا يتحقق من توجيه جانب من وفر بناء المسجد في الكويت لبناء ألف مسجد بقيمة مسجد واحد في الكويت، وربما ألحق بكل منها معهد لتدريب أبناء الأحياء المحيطة بالمسجد لنيل مهارة مهنية تكف وجوههم عن مسألة الناس، ويتحولون الى عاملين يستطيعون اعالة أسرهم، أليس في ذلك زيادة لأجر الموصي، ومن أوصاه؟!
كلمة أخيرة:
بنى أحد أثرياء الهند المسلمين قبرا لزوجته اشتهر باسم «تاج محل» استفادت منه الهند لترويج السياحة، يقول لي العم صالح الشايع، يرحمه الله: «لقد صرف عليه هذا التاجر ما يعادل اليوم مائة وخمسين مليون دولار، قبل قرنين من الزمان، لو أنفقها في ذلك الزمان على تحسين أوضاع المسلمين في الهند لكانت اليوم هذه القارة بغالبيتها العظمى من المسلمين» ماذا استفاد «هو» وزوجته من هذا البناء لأمر آخرته؟!
لقد رأينا تجارا من المحسنين ضاعفوا من تأثير تبرعاتهم على المستحقين وتفوقوا على من أهدرها وفاته نيل أجر أكبر بكثير مما كان يمكنه تحقيقه، فهذا أنشأ وقفا الى جانب المسجد ما جعل المسجد مكتفيا للصيانة ونظيفا على الدوام وثالث أنشأ وقفا على مخبز لم يتوقف عن اطعام الفقراء مجانا بسبب انتظام مصدر دخل المخبز الذي يوزع الخبز يوميا على الفقراء بغير مقابل.
ان تخليد اسم المتبرع في الملأ الأعلى، بين الملائكة هو أكثر بركة منه في أوساط الناس والجيران، والله نسأل لهم جميعا الأجر والمثوبة، آمين.
[email protected]