قال الشيخ عبدالله السالم يرحمه الله لرجل الدولة المحنك، الأستاذ عبدالرحمن العتيقي: «الكويت لكل الكويتيين، مو للصباح وحدهم» وذلك في عام 1962 عبر الهاتف حينما كان العتيقي ينقل إليه ما يجري في الجمعية العامة للأمم المتحدة أثناء مناقشتها تهديدات قاسم للكويت، بعد أن تلقى منه التوجيهات قال له «طال عمرك قد لا أصل اليك عبر الهاتف بسبب ضعف الخطوط» فقد تطلب الاتصال بالكويت المرور عبر عدة نقاط، وصولا الى هاتف أسرة قبازرد الموصول دوليا ومن ثم توصيله بمكتب الشيخ عبدالله السالم، فطلب منه العمل بتلك التوجيهات ونقلها الى صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد عندما كان وزيرا للخارجية، والاجتهاد فيما ينفع الكويت، وختمها بمقولته الحكيمة التي ذكرتها أعلاه.
نعم «الكويت لكافة شعبها وحكامها» وقد تذكرت هذه المقولة عند سماع كلمة صاحب السمو الأمير بمناسبة العشر الأواخر من رمضان، فقد انطلق من هذا المفهوم السامي ليشرك شعبه معه في مسؤولية التكاتف ونبذ الفرقة، ويحمّل وسائل الإعلام واجب الحفاظ على قوة الجبهة الداخلية وعدم مشاغلة الدولة في علاقاتها بالدول الشقيقة على نحو ما فعلت وسائل الاستهزاء الفارغ من أي معنى أو نتيجة سوى الإضرار بالكويت شعبا ودولة تبذل قصارى جهدها لتعزيز علاقاتها الإقليمية والدولية، ثم يجيء ممثل لا يقيم اعتبارا لتلك الجهود ويشتتها بما لوسيلة البث الإعلامي من قدرة على الوصول الى أوسع نطاق من التأثير الضار، عندما يتضمن المساس بالشعوب وكراماتها.
إن تنبيه صاحب السمو الأمير القائد الذي يرتكز على الشراكة في المسؤولية يحملنا كمواطنين جانبا من تلك المسؤولية لنمارس واجبنا في التعبير عن الرفض لتلك الممارسات الضارة خارجيا، ومثلها التي تثير السخط داخليا، وثقافة التسخيط على الدولة هذه قد أوردتنا المهالك كلها منذ أكثر من نصف قرن، في حين يدعو الميزان الشرعي الى الموازنة بين تقديم النصح وإبداء كل صور الاحترام للدولة بكل رموزها، موظفا صغيرا أو قانونا ساريا، ناهيك عن أن تكون رموزا للدولة وهيبتها التي إذا طالتها يد عابثة فلابد من ردعها من جانب الناس بالزجر، ومن جانب الدولة بالنبذ، وليس بالاسترضاء وغيره مما لا يزيد ثقافة التسخيط إلا تغطرسا وغيا.
هذا الأمر لا يعني مسؤولا كبيرا أو صغيرا فقط، بل هو شأن كل مواطن، وما هذا المسؤول أو ذاك إلا واحد منا حملته – بتشديد الميم - الأقدار مسؤولية تفوق ما يحمله غيره، لا أكثر ولا أقل، الأمر الذي يستوجب منا التفافا حوله، وتثبيتا لخطاه وتعزيزا لثقته بنفسه، حتى يتعاظم عطاؤه وينتقل الى الإبداع، وليس هذا حال من يتركه قومه ألعوبة في يد «المتسخط» الذي وجد في هذا الأسلوب مدخلا مختصرا لإشباع أهوائه، ومثل هذا ليس له في ميزان الشريعة إلا التذكير (و اعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) آل عمران، والتحذير (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين) الأنفال، وقال صلى الله عليه وسلم «ما ضل قوم بعد إذ هداهم الله إلا أوتوا الجدل».. لابد من إزاحة ثقافة التسخيط المشوشة، وإحلال بديل رصين عنها، بعد أن أكلت الأخضر واليابس في وارد العلاقة بين أهل البيت الكبير، الوطن.
كلمة أخيرة:
قال النبي صلى الله عليه وسلم «خير أمرائكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم – الدعاء لهم – ويصلون عليكم، وشرار أمرائكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم».. انظر في تجارب الحكم العربية أمثلة لهذه النماذج، وتأمل.
[email protected]