تجارب النجاح والفشل في موضوع الطرح الطائفي كثيرة في العالم، ففي ايرلندا مثلا يدور صراع عمره 120سنة ومادته الرئيسية هي بث انفاس الكراهية في ادمغة الاطفال، انجليز وايرلنديين على السواء، فاذا كبروا لم يستطيعوا فكاكا من شيء شربوه مع حليب الرضاعة، بين العام 1966 و1999 وصلت اعداد القتلى في ايرلندا الى 3.636 واعداد الجرحى الى 36.000 وانتقل الصراع من الارض الايرلندية الى بريطانيا بشكل شامل، الايرلنديون لم يستطيعوا نسيان حملة الانجليز عليهم عام 1641بقيادة الرئيس كرومويل حينما قام بحملات تصفية جسدية مروعة فتناقص عدد سكان ايرلندا الى النصف.
الشيء نفسه حدث في رواندا في عام 1995 حيث ادى التطهير العرقي الى مذابح بشعة من قبائل الهوتو ضد التوتسي التي اعتبرها الهوتو مناصرة للاستعمار البلجيكي القديم الذي اعتمد عليهم لاحكام سيطرته على البلاد وذلك في القرن الـ 14 (....) النتيجة هي توزيع السيوف على افراد قبيلة الهوتو والذبح على الهوية بلا رحمة للرجال والاطفال والنساء، اجيال لم تشهد تلك الحقبة ولكنها دفعت الثمن 800 ألف قتيل خلال 100 يوم فقط، وكانت الشرارة هي حادثة اغتيال رئيس رواندا وهو من الهوتو، فاندفع الحقد القديم كالبركان وتحولت تلك البلاد الى انقاض.
في العراق استغلت قوى اقليمية ترسبات لا يخلو منها بلد فنفخت فيها، وحملت جرائم حزب ضم جميع شرائح المجتمع في قياداته، واسقطتها على نصف الشعب بأكمله فتكررت الممارسة السابقة والتي اشتكى منها الجميع فاكتوى بنتائجها الجميع ايضا، وتحولت البلاد الى انقاض.
لا يمكن لعاقل ان يحمل مسؤولية هجوم الدولة الصفوية على الامبراطورية العثمانية عندما كانت جيوشها مشغولة بفتح اوروبا، وتحاصر مدينة فيينا عام 1525، ما ادى بسليمان القانوني الى فك الحصار والعودة لمواجهة ذلك الهجوم، هل يجوز تحميل وزر تعطيل تحول اوروبا الى الاسلام على الشعب الايراني الحالي؟
لقد تداخلت الاجندة السياسية الاقليمية واهداف الساسة مع التراث التاريخي ووظفته اسوأ توظيف، وذلك في جميع تلك الصراعات، ومن المهم ان يتقدم قادة الرأي المخلصون، وان يمارسوا دورهم بمسؤولية كاملة، مثلما فعل الشيخ راضي الحبيب الذي كتب «التشيع بريء ممن يطعن بعرض ازواج الانبياء، فهذا هدم لأصل العصمة، ومن يفتري على السيدة عائشة ام المؤمنين يخالف مذهب آل البيت ويخرج عن منهجيتهم».
انها وظيفة البيوت، مع العلماء، لا يجوز ان يبرمج الاب ابنه على الحقد والحقد المضاد، ولا يصح الترويج للمشاجرات عبر الفضائيات، تارة بين الشيعة والسنة، وتارة بين المسلمين والمسيحيين، هذا الغرس الشيطاني له ثمن فادح، رأيناه في حروبنا الاهلية في لبنان والعراق، وهي اسوأ من حرب حاكم ظالم ـ صدام، هتلر.. الخ ـ يسهل حذفه في مزبلة التاريخ، ولكن ماذا عن ثقافة الشعوب اذا بنيت على الضغينة والغل والاحقاد؟
كلمة أخيرة:
زيارة المريض في المستشفى امر جميل، ولكنها تتم في كل الاوقات فلا يملك المريض وقته، هو متيقظ على الدوام للاستقبال، ما يقلل من فائدة وجوده في المستشفى، هو بحاجة لتواجد اسرته، وغير ذلك يجب ان يحدد بوقت، بين العصر والمغرب مثلا، فقط لا غير، لننشر هذا العرف الجميل الذي لا يحتاج الى قرارات ادارية، فالاعراف أقوى منها.
[email protected]