فيصل الزامل
خطوة البنك المركزي في رفع سعر صرف الدينار مقابل الدولار بمعدل 0.4% تأتي استجابة لعوامل عدة، في مقدمتها الانخفاض الشديد في قيمة الدولار لصالح عملات كاليورو والاسترليني حيث تستورد الكويت من أوروبا 30% من وارداتنا ما يجعلنا فريسة سهلة للتضخم المستورد، الناتج عن عدم مرونة سعر صرف الدولار على الدينار قبل فك الارتباط به، في مقابل ضعفه الشديد أمام تلك العملات، ولقد أظهرت احصاءات وزارة التخطيط ارتفاعا في المستوى العام لأسعار المستهلك، بلغ في مارس 2007 ارتفاعا عن الفترة المماثلة في العام 2006 بواقع 5.1%، وهو أمر لم تشهده الكويت منذ عام 1989، وهي نتيجة محتومة لسياسة ربط سعر صرف الدولار بالدينار، في الفترة السابقة، قبل قرار مايو بفك هذا الارتباط.
لقد مارس البنك المركزي مسؤولياته في الدفاع عن «المستهلك» ولم يقع في فخ المضاربة على الدينار، الى تهديدات قاسم، الى تهديدات صدام، جيش السبعة ملايين...الخ.
آن الأوان لننتقل الى عصر التطمينات، حتى يشعر سكان هذه المنطقة بانهم لا يحتاجون الى الوجود الأجنبي، وهو أمر تحققه تصرفات أخرى، غير التي نراها! وفي توزيع جغرافي وقطاعي (أسهم، عقار، استثمار مباشر، أوراق مالية.. الخ) ولا تتجه مباشرة الى منطقة الدينار، وتستهدف تحقيق عوائد تفوق تأثير فرق سعر الصرف للجزء المراد انفاقه محليا.
من جانب آخر، فإن السيطرة على التضخم لا تتحقق عبر السياسة النقدية ومراجعة أسعار الصرف فقط، بالرغم من انها تمثل رأس حربة في هذا المجال، حيث تشكل الرقابة على الائتمان المحلي وكتلة النقد المتداولة جانبا هاما لكبح التضخم، حيث شهدت البلاد أسعارا غير مبررة في التداولات العقارية، في مناطق تفتقر الى البنى التحتية، ومع ذلك فقد تجاوزت اسعارها قسائم في مناطق اخرى منظمة، وذلك بسبب المضاربات التي تديرها شركات استثمارية بالتعاون مع مكاتب عقارية، مستفيدة من ضخامة التركيم الرأسمالي الذي حققه تفريخ شركات ذات أغراض مكررة للشركة الأم، استهدف انشاؤها جمع الأموال، بغير مجالات استخدام حقيقية، ما جعل المضاربة هي سيدة الموقف، ودفع كرة التضخم لتنمو، وتتدحرج فوق رؤوس طالبي الحصول على الرعاية السكنية.
ان مواجهة التضخم مسألة هامة، وهي المؤشر الأبرز لنجاح الادارة الاقتصادية في أي دولة، وقد رأينا في التجربة التركية تأثير نجاح «العدالة والتنمية» في خفض التضخم من معدل 170% قبل ستة أعوام فقط الى 20% وأقل من ذلك في السلع الاستهلاكية، وهو انجاز لم يتوقع صندوق النقد الدولي ان تتمكن من بلوغه تركيا نظرا للنظام السياسي الذي استفادت منه مراكز النفوذ في بناء مصالح اقتصادية من جراء المضاربة على أسعار الفوائد الحكومية... الخ.
في الكويت، لا نعاني من مثل هذه الضغوط السياسية لمكافحة التضخم، وهو لايزال في مهده، وقابلا للسيطرة، اذا تابعت كافة الأجهزة الاقتصادية عملها بإتقان، لاعادة توجيه النشاط الاستثماري، والتجاري، ليأخذا مسارهما الصحي، والسليم.