قليلا ما يهتم العرب والمسلمون بمثالب اليهود من الجانب الديني والفكري بقدر ما يركزون على الفروقات الصغيرة فيما بينهم، والسبب أنهم لا يحتكون باليهود ولا يشعرون بحساسية مباشرة منهم مثلما يتحسسون من بعضهم البعض، وحتى بين المسلمين والأقباط في مصر، تحدث أيضا مناكفات، لا يشعر كل منهم بجزء منها تجاه اليهود رغم أن اليهود يتباهون بزعم «قتلهم المسيح عليه السلام» ويحتفلون بذكرى هذه الجريمة، إلا أن الأقباط، أو بعضهم، لا يتحسس من اليهود مثلما يفعل مع المسلمين، وتحديدا المصريين منهم، والسبب هو الاحتكاك المباشر الذي يتم فيه تلبيس الأمور النفسية بلباس الفروقات الدينية، ولولا ذلك لما اهتم كل منهما بدين الآخر، فنحن – على سبيل المثال - لا نهتم بفروقات البروتستانت عن الكاثوليك وربما لا تعنينا في شيء، ولكن الحال ليس كذلك في ايرلندا بين هاتين الفئتين، والشيء نفسه في الصين ذات الثقافة الكونفوشية التي تسبب للياباني تحسسا لفروقات بينهما تسببت في حروب دموية لقرون كثيرة.
نعم، استراح اليهود من الإجابة عن سؤال «لقد شق الله البحر لكم وأنجاكم من فرعون وجيشه وأغرقهم، فكيف تشكرون ربكم بعبادة العجل؟ وما الحكمة من الاحتفال والتباهي بقتل المسيح، حسب زعمكم؟ ولماذا امتلأت طرقات تل أبيب الأسبوع الماضي بشباب يهود صغار يرقصون قائلين: نحن قتلنا المسيح، نحن قتلنا المسيح، ما سر سعادتكم بجريمة كهذه؟ هل قتل نبي هو شيء جيد؟» لقد تباهى الحاخام شلومو بنزري بهذه الجريمة قائلا: «اليسوع أعدم وفقا للقضاء اليهودي، ألقوه من سطح مرتفع حتى تحطم ثم علقوا جثته على خشبة بشكل حرف تي، ولم يتم وضع مسامير في جسده كما تقول الرواية المسيحية» المصدر جريدة معاريف، وقد ترتب على هذا الاطراء خروج صبية اليهود في مظهر احتفالي يتباهون بهذه الجريمة الخسيسة، رغم أننا نعلم أنها لم تتم بفضل الله عز وجل الذي رفع المسيح عليه السلام وأبطل مقصودهم في آية ارتبطت بمجيء المسيح الدجال، الذي سيكون مقتله على يد المسيح عليه السلام، بإذن الله، وقد اقترب أوان هذه الآية مع قيام دولة يهود واحتشادهم بانتظار المسيح الدجال، لعنه الله.
محل الشاهد، أن أكثرنا لا يشعر بحساسية من هذا الخطر والسبب هو فكرة «حرمة الذهاب إلى فلسطين» وهي فتوى غير دينية أطلقت في مطلع الخمسينيات من مصادر مشبوهة لتشكيل جدار يحمي اليهود من الطوفان البشري العربي الذي كان يمكن أن يثبت الهوية العربية والإسلامية هناك، وأهم منه أن يبقي الحساسية الدينية بيننا وبينهم مشتعلة، بدلا من أن تخبو وتتركنا منشغلين بحساسياتنا المعروفة، وبهذا حقق ذلك الجدار هدفين مزدوجين بضربة واحدة.
المؤسف أن هذا الطرح الذي مرره شيوعيون يهود اتخذوا الاسم العربي في الخمسينيات، قد انطلى على بعض العلماء المسلمين فردد تلك الفتوى المشبوهة، وفوت على أرض الأقصى الإفادة من العمق العربي والإسلامي وتركنا منشغلين ببعضنا عن عدونا الأشد فتكا.
كلمة أخيرة:
سمع اليهودي عبدالله بن سلام بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة فجلس اليه قائلا: «إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي، ما أشراط الساعة؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة؟ وما بال الولد ينزع الى أبيه أو الى أمه؟» فقال صلى الله عليه وسلم «أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق الى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فهو كبد الحوت، وأما الولد فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت الولد» فقال ابن سلام «أشهد أن لا اله الا الله وأنك رسول الله» ثم قال «سل قومي عني قبل أن يعرفوا بإسلامي» فقالوا «ابن سلام خيرنا وابن خيرنا» فلما علموا بإسلامه قالوا «هو شرنا وابن شرنا» فنقضوا كلامهم في مجلس واحد.
[email protected]