فيصل الزامل
إلقاء القبض على مجرم اغتصاب الاطفال هو انجاز كبير يحسب لرجال مباحث حولي ولوزارة الداخلية، فالامن والاستقرار اهم من الطعام والشراب، ويبقى تساؤل حول الاجواء التي اوجدت مجرم حولي، ما هي الظروف التي ولدت فيها نفسيته المجرمة؟ واذا لم تعالج تلك الظروف فان الباب مفتوح لتكرار هذه الحالة الاجرامية التي هتكت امن اسر كثيرة تعرض ابناؤها وبناتها لأبشع جريمة يمكن ان يتعرض لها طفل وطفلة.
هناك عشرات بل مئات غير حجاج السعدي يشاهدون صور الاغراء تنشر كل صباح في الصحف بالألوان، وبأوضاع مثيرة، هذه الصور لا تنشر كما في الماضي للدعاية التجارية، لا، لا، هي تنشر للاثارة الجنسية فقط لا غير، يقول المصور للفتاة اجلسي هكذا، اخفضي ظهرك قليلا، ارفعي فخذك، افتحي قميصك.. الخ، ومعظم صحفنا تنشر هذا التحريض السافر على الجريمة، وان كان بعضها - مشكورا - قد اوقف هذه المهزلة، الا ان البعض الآخر لايزال، بكل اسف، ينشرها.
نعم، مجرم حولي هو واحد من مئات فتحت لهم عصابات الجنس اوكار رذيلة، يتم خطف الآسيويات للعمل فيها تحت التهديد، وتقفل عليهن الابواب، والمطلوب هو تنقية الاجواء من التحريض، وبما اننا نعتبر المحرض على الارهاب شريكا فيه، فان ذلك يشمل المحرض على الفجور.
في اوروبا اتجهت حملة مكافحة صيد حيوانات نادرة لأجل الفراء الطبيعي، الى حث الناس على عدم شرائه والاكتفاء بالصناعي، ومثل ذلك بالنسبة لعاج الفيلة، فلنتجه نحن الى المنبع الآسن، الذي جاءت منه تلك الروح المجرمة.
ان وجود مسجد في منطقة مكتظة بالعمال العزاب هو وسيلة اخرى من وسائل الامن الاجتماعي، وتكثيف الوجود الامني في مختلف تلك الاوساط هو سبب لسرعة اكتشاف المجرم، قبل ان يصل العدد الى 18 ضحية، كان بالامكان نجاة اكثر من نصفهم.
لقد ارتفعت اصوات المواطنين والمقيمين بالشكوى، بل والصراخ قبيل اعتقال المجرم ما ادى الى تكثيف الجهود، وليست هذه هي عادة وزارة الداخلية التي دأب رجال المباحث فيها على سرعة ضبط المجرم بغير الحاجة الى حث الرأي العام الذي تصدرته الشيخة فريحة الاحمد، جزاها الله خيرا، قبل ايام قلائل فقط من إلقاء القبض على المجرم.
لا تقلل هذه الملاحظة من قيمة جهود اخواننا رجال الامن بقدر ما ندعوهم لمواصلة اليقظة، فان المحافظة على القمة اصعب من بلوغها.
ختاما، لقد قرأنا عن شخص كان يقوم بالدعاية للسجائر، ثم اصيب بالسرطان، ومات، وكان التدخين السبب الاول لإصابته، ثم كرست زوجته حياتها لمكافحة التدخين.
بالقياس، فان اللواتي يقبلن بالتقاط صور مثيرة لهن لغواية العزاب والعبث بسلوك المراهقين، هؤلاء مطالبات بعمل مضاد حتى لا يصاب اقاربهن الاطفال باعتداء يزلزل حياتهن وحياة اولئك الاطفال، فان لكل فعل ضار بالمجتمع، رد فعل، لابد ان يصيب شيء منه الفاعل والفاعلة.
ومثل ذلك يقال للصحف التي لاتزال تعرض تلك الصور الغرائزية، باب الرزق واسع فلا تجعلوا مصدره ملوثا، فالصور الورقية متاحة اكثر من الشاشات، انها تنطبع في الذهن وتتحول الى رغبات منحرفة، وهو امر لا يسركم ان تساهموا فيه.