من يمول خـطة التنمية؟ الإجابة عن هذا السؤال ليست من اختصاص جمعية الإصلاح الاجتماعي ولا رابطة الطيارين أو جمعية المهندسين أو نادي الضباط مع الاحترام للجميع، قد يهمهم ذلك الا أن ما يحدث من تسييس لكل موضوع مهما كانت له طبيعة متخصصة، هي عادة غريبة تسللت إلينا بل واستوطنت ثقافتنا، وباختصار شديد فإن تمويل خطة التنمية ليس متصورا أن يتم من خلال ميزانية الدولة وحدها، هذا الأمر يعرفه من قرأ خطة التنمية ولا حاجة لتشكيل لوبي ونشر بيانات في «تعريف ما هو معروف»، وقد رأينا كيف أدت مشاركة البنوك المحلية في ادارة تمويل مشاريع كبرى في انجاح تنفيذها بزمن قياسي (ايكويت ـ محطة الصرف الصحي، الصليبية)، والنصيحة التي يجب على الاخوة في البنوك المحلية أن يسمعوها: «لا تنجرفوا لتسييس العمل المصرفي» ويكفيكم ما بينكم من التنافس الحاد الذي سيبرز بشدة مع طرح تلك المشاريع، ولا حاجة لتأكيد قدرتكم على تمويل تلك المشاريع فهذا أمر تشهد به تطبيقات قائمة، ولكنكم بالقطع ستكونون أكبر المتضررين اذا ما تم تسييس التنمية، وأصابها ما أصاب مشاريع ضخمة ألغيت عقودها بشكل درامي لأسباب غير مفهومة سوى بالقاموس السياسي المطاط، هل تريدون لمشاريع الـ 35 مليار دينار أن تلحق بالمصفاة الرابعة والداو كيميكال؟!
ان المواطن هو الفائز أو الضحية مثلما يجري الآن في منطقة سلوى التي ترتد إليها مياه الصرف الصحي وتملأ شوارعها بالروائح والأوساخ والقاذورات، وأسوأ منها البحر الملوث بسبب كارثة محـــــطـة مشـــرف، وهو أمر سيتكرر اذا دخلت السياسة في بقية مراحل التمويل والتنفيذ، وبالعكس اذا تم ذلك بالشفافية التي اتبعت في تطبيقاتنا الناجحة السابقة، وتكرر النجاح مرات ومرات، فإن المواطن سيفوز والوطن سيتحرك للخروج من هذه الحفرة التي طال مكوثنا فيها أكثر من اللازم.
لقد أدت إدارة البنوك الكويتية «الماهرة» لموضوع تمويل مشروع ايكويت عام 1993 مقابل فشل بنوك أميركية «اكزم بنك» وهو بنك حكومي هناك - الى محاسبة تلك البنوك في الصحافة الأميركية لبطئها والبيروقراطية الشديدة التي اتبعتها معنا، ما دفع الحكومة الكويتية ـ ممثلة بشركة البتروكيماويات الصناعية pic ـ لأن تصرف النظر عنها وتركز على البنوك الكويتية التي «كفت...و... وفت» ثم جاء دور الشريك الاستراتيجي في مرحلة التنفيذ التي لم تتجاوز سنتين من العمل الحثيث، واليوم أمامنا قصة نجاح كبيرة.
كلمة أخيرة:
تم توقيع 203 عقود لمشاريع أســاسية من خطة التنمية منها ما يتجه لرفع إنتاج الماء والكهرباء بنسبة 50% وغيرها للمشاريع الإنشائية، والوقوف في جانب التشكيك والبلبلة يعني تعمد الأضرار بالوطن والمواطن، ولكن... اذا تحقق النجاح، وجاء وقت الفرحة بهذه النقلة فسوف تجد ذلك «المشكك» جالسا في مقدمة الصفوف لالتقاط الصور التذكارية.
[email protected]