فيصل الزامل
استضافت دول الخليج عددا من علماء الدين من الدول العربية، ففي الكويت عرفنا الشيخ حسن طنون، والشيخ حسن أيوب، والشيخ عبدالرحمن عبدالخالق والشيخ سيد نوح، ود.عمر الأشقر، ومن المتخصصين د.عيسى عبده في الاقتصاد والمستشار سالم البهنساوي في الشريعة والقانون.
مثل ذلك وأكثر في دول خليجية اخرى، د.يوسف القرضاوي في قطر، محمد سعيد رمضان البوطي ومحمود الصواف في المملكة العربية السعودية.
هؤلاء أقاموا في هذه الدول، وبعضهم توفي خارجها وطلب ان يكون دفنه في الدولة التي احتضنته، مثل أ.سالم البهنساوي الذي توفي في كازاخستان ودفن في الكويت.
كان وجود هؤلاء الأعلام سببا لاستقرار العاطفة الدينية للشباب المقبل على الاسلام، في حين عانت البلاد التي تم تقييد هذه النوعية فيها، أو دفعهم الى مغادرتها، صنوفا من التطرف والغلو.
قال لي صديق: كنا جالسين في قاعة التشريفات في مطار القاهرة، وكان الشيخ محمد الغزالي ايضا جالسا في نفس القاعة، وتقدم اليه رجل أمن طلب منه مرافقته، وقام متوكئا على عصاه، ثم عاد بعد نصف ساعة، وجلس في مكانه وهو يردد في ألم قائلا «أروح بلاد اسلامية وعربية أجد فيها الترحيب والتكريم، وهنا يستدعيني ضابط أصغر من أولادي يسألني أسئلة غريبة، رايح فين وحتعمل ايه وبيدوك كام، شيء مؤسف».
دول الخليج اعتبرت هؤلاء العلماء منارات هدى، تسجل لهم البرامج التلفزيونية، وتستضيفهم في ليالي شهر رمضان المباركة، ومن شاء الاقامة والعمل وجد انه يقيم بين أهله، مثل استاذنا الفاضل عبدالحميد بسيوني الذي افتقدته ديوانيات كثيرة، لعلمه وأدبه الجم.
لم يؤثر عن أي من هؤلاء التحريض الطائفي ولا الدعوة الى الغلو. سواء كانوا مقيمين أو زائرين مثل أ.عبدالله رشوان الذي سُئل في محاضرة جماهيرية شاركت في ادارتها عن حكم الاسلام في النظام الوراثي لإدارة شؤون الدولة، فأجاب: «لقد عرف التطبيق الاسلامي ستة أشكال لإدارة الدولة، وكلها كان في عهد اصحاب رسول الله( صلى الله عليه وسلم )، بعد فترة النبوة، وقد بايع جمهور الصحابة على الخلافة في الأشكال الستة، وفي الأمر سعة للمسلمين، ولو كان غير ذلك لجاء في السنة نهج صريح غير قابل للتأويل بطريقة واحدة لإدارة الدولة، ولكن الاسلام أراد للناس الاختيار وفق معطيات تتغير، على أسس ثابتة لا تتغير.
مناسبة هذا الحديث هي تلك الجموع الغفيرة التي شيعت شيخنا الفاضل د.سيد نوح، يرحمه الله، الاثنين الماضي، التي يندر ان يرى لها مثيل، قارنت بين هذه الحشود وجنازة الشيخ حسن البنا يرحمه الله عام 1949، التي لم يتجاوز عدد المشيعين فيها 12 شخصا، بأمر السلطات في ذلك الوقت.
ان الاحتفاء بأهل العلم سبب لبركة الدولة، واستقرارها، وهو ما اتخذته دول الخليج نهجا، ولم يخذل أهل العلم ذلك النهج فكانوا أهلا للأمانة، يرحم الله من مضى منهم، ونسأله ان يعوضنا خيرا في جيل جديد من هذه البلاد، وغيرها، يكونون رحمة للبلاد والعباد. آمين.