إلى أين سينتهي مسلسل طرود تفجير طائرات ومحاولات إسقاطها بعمليات تفجير والأعمال الانتحارية التي تستهدف مصالح الغرب؟ لقد بدأت «جهة ما» هذا المسلسل، ويبدو أنه سينقلب عليها، انظر كيف بدأت حكاية القس «تيري جونز» مع حرق المصاحف والأثر المعاكس الذي حدث، تنديد واسع من الشعب الأميركي ومن المجتمع الكنسي، ثم الإقبال المضاعف على قراءة القرآن الكريم في الغرب بسبب الفضول الذي أثارته تلك الخطوة الحمقاء، في المقابل لو تعقبنا مسلسل الأعمال الانتحارية الذي بدأته «جهة ما» لدق إسفين أبدي بين الغرب المسيحي والشرق المسلم لصالح اللاعب الصهيوني، لوجدنا أيضا أن السحر قد انقلب على الساحر، أو أنه يسير في هذا الاتجاه، ومصدر الانقلاب في الأثر هو طبيعة المجتمع الأميركي ونفسيته التي تقدر القوة وتحترمها كثيرا، فقد احتقر الغرب المسيحي اليهود منذ قرون ولكن عندما نجح اليهود في إدارة المال بذكاء وسيطروا على مصادره بشدة تقبلهم الغرب وأعطاهم تقديرا كبيرا، منذ بداية القرن الماضي في الحرب العالمية الأولى حينما سددوا عن الخزينة البريطانية عجزها، ثم في الحرب الثانية عندما نقلوا التكنولوجيا الألمانية الى الولايات المتحدة فسيطروا عليها كليا.
القوة هي الشيء الأكثر احتراما في الذهن الغربي، وبالذات الأميركي الذي رفض تحرير العبيد بقرار من «ابراهام لنكولن»، وخاض حربا أهلية بسبب ذلك القرار، ولكن مع مرور الوقت وبروز شخصية الأميركي الأسود القوي الذي يهزم الأبيض في ساحات الملاكمة وفي مباريات السلة والبيسبول، و.. الأميركي الأسود الذي ينفجر إذا صدر حكم بتبرئة شرطي أبيض قتل شابا أسود فتنتقل أعمال العنف بين الولايات في يوم واحد لتحطم كل شيء، هذا الأسود القوي يستحق الاحترام في الذهنية الأميركية، وقد سمعت من السيد جيمس بيكر وزير الخارجية الأميركي الأسبق مباشرة، في لقاء معه بالكويت وبشكل صريح: «يجب أن تعرفوا شيئا واحدا، الشعب الأميركي يحترم القوة».
اليوم أعطت الأعمال الانتحارية صورة جديدة للشرق العربي، وهي أن «هؤلاء أقوياء ويصلون الى بيوتنا بسهولة، اخترقوا الجغرافيا وكل أنظمة الأمن التي طورناها، لن نعيش في أمان ما لم نُعِد النظر في علاقاتنا معهم على أسس جديدة»، ولست هنا في وارد تشجيع ذلك العنف، بقدر ما هو تسجيل لـ«مقدمات/ نتائج» لم يتوقعها من أسس لتلك المقدمات، ولكنها الحقيقة، الشرق المسلم قوي ليس في جانب العنف، فهذا لا يستحق الإشادة، ولكنه في الجانب الثقافي صار حاضرا في العواصم والأرياف الأوروبية بكثافة المهاجرين، وهو متواجد في واشنطن لكثرة المسلمين من أهل البلاد في مواقع مؤثرة (أميركان من أصل أفريقي ومهاجرون من الجيلين الثالث والرابع) وهؤلاء يعرفون حقوقهم في العملية السياسية جيدا ولا سبيل لتجاهلهم.
إذن هي مسألة وقت، وعلى الشرق المسلم أن يتصرف مدفوعا بثقة كبيرة في النفس بإمكانية تحول المواجهة المسلحة الى شيء يشبه العلاقات الصينية ـ الأميركية حاليا، التي تحققت عبر المدخل الاقتصادي، وبالنسبة لنا فخيارنا هو المدخل الثقافي، وهو أطول أجلا كونه لا يخضع للدورات الاقتصادية، علما بأن الجانب الثقافي يشكل هاجسا متزايدا في العقل الغربي، راجع تصريح البابا «أوروبا ستكون قارة مسلمة خلال العقود القليلة القادمة ما لم ترتفع نسبة المواليد».
كلمة أخيرة:
س ـ ما هي أعلى قمة في العالم؟
ج ـ افريست، جبال الهملايا.
س ـ ما أدني بقعة على الأرض اليابسة؟
ج ـ غور الأردن.
س ـ أخبر القرآن الكريم النبي محمد صلى الله عليه وسلم بهذه المعلومة (الم. غلبت الروم في أدنى الأرض، وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين)... كم معلومة في هذه الآية؟
ج ـ مستوى الأرض، خبر انتصار الفرس الذي لم يكن قد وصل الى مكة في حينه، خبر مستقبلي بانتصار الروم بعد سنوات قليلة، وقد حدث.
[email protected]