فيصل الزامل
يتحدث بعض الغربيين عن المجتمع الاسلامي بشيء من التندر، ويستخدمون مصطلح «الحريم» للتشنيع، ولا يتوقف هؤلاء للحظات أمام سرعة دوران النساء في حياة الرجل الغربي، فهو في السنة الواحدة قد يستعمل عشرين امرأة، وهو ما لا يحدث في المجتمع الاسلامي أو «بلاد الحريم»، بينما هو عندهم نظام مستقر، يحق بموجبه لابن الجيران أن يستعمل ابنة جاره لبضعة أيام، تحت مسمى الصداقة، ويتركها إما مع جنين في أحشائها لا يتحمل هو مسؤوليته، أو مع أمراض نقلها اليها من قائمة النساء اللاتي استعملهن!
الأمر لا يتوقف عند شريحة الشباب، فأخبار السياسيين في اوروبا وأميركا تزخر بفضائح عجيبة، مثل علاقة الامير البريطاني تشالز مع كاميلا حينما كانت زوجته ديانا موجودة على قيد الحياة، واستمر في تلك العلاقة بعد وفاتها قبل عقد قرانه على كاميلا، لم يكن يتورع عن الظهور العلني مع عشيقته تلك قبل أن يرتبط معها بزواج رسمي، بل كان يصطحبها في زياراته الرسمية في بعض المناسبات، ومثل ذلك يقال عن عشرات السياسيين في فرنسا وألمانيا وغيرهما، ومن النادر أن نرى زواجا نظيفا وسعيدا بأوروبا في عائلة سياسية، سواء في الأنظمة الملكية او الجمهورية.
هذه الفوضى الاجتماعية تهدر كرامة المرأة، فهذه المسكينة هي مجرد وسيلة لاستمتاع الرجال، لا حقوق ولا مستقبل لها، لهذا ينتهي بها الحال الى العمل في البارات ومحطات البنزين وغيرها، وهي لاتزال بعد في ربيع عمرها، قارن ذلك بحقوق المرأة في الاسلام، حيث تحفظ لها مؤسسة الزواج حقوقا مادية ومعنوية، وحتى في حال الاختلاف والانفصال فإن لها ولأطفالها الحقوق المعروفة، في حين لا تحمي التشريعات الغربية حقوق الأبناء في نظام التوريث الذي يخضع لارادة المورث، الذي يقوم بتوزيع تركته بحسب علاقاته بأفراد العائلة، والتي رأينا كيف تتفسخ يوما بعد يوم.
عودة الى الفوضى الجنسية، فمن عجب أن يشجع المجتمع الغربي أبناءه على تلك الفوضى بزعم أن هذه هي الحرية، ثم بعد شيوع الأمراض الجنسية يقرر ذلك المجتمع المتخبط أن تلك الفوضى هي السبب الرئيسي لانتشار الأمراض الجديدة، وهو يشبه التخبط في تشجيع المراهقين على التدخين، فإذا وقعوا في حبائل تلك الدعايات وأساليب الإغواء كتبوا لهم عبارة سخيفة بخط صغير «التدخين مضر ننصحك بالابتعاد عنه»!
ان كبح جماح الفوضى الجنسية سبب لنظافة البيوت من شرور الغرائز البهيمية، وتوجيهها في الاتجاه الطبيعي الذي يحقق معنى الوفاء بين الزوج والزوجة، الأمر الذي ينعكس على ترابط أبنائهما القائم على تماسك الأبوين ووفائهما للعلاقة الأطول أمدا وعدم التفريط بها لأجل نزوة عابرة تنسف كل شيء في لحظة تمر كالبرق، وهي أيضا مثل البرق الصاعق، الذي يحرق بلمسة واحدة جسد الانسان وروحه، فيتركه كقطعة الفحم، هائما بين هذه وتلك، فاذا أحاطت به أمراض تلك الحياة الفاسدة وجفاء أبنائه له لأنانيته، بكى من الندم حين لا ينفع البكاء.
قد يقول قائل: «وما شأننا بالغرب اذا شاعت فيه الفوضى كما تقول ؟» الحقيقة أن الغرب اليوم هو مصدر التوجيه الرئيسي للكرة الأرضية، اعلاميا وسياسيا وحتى في التشريعات والأنظمة، ولن ينجو بلد من آثار الفوضى الاجتماعية التي يعيشها، لهذا صار ما يجري عندهم شأنا عالميا، يمررونه الى الناس بعد تغليفه بأوراق زاهية براقة وشعارات ظاهرها الخير وباطنها الفوضى المدمرة.
لقد اشبعونا عبارات «أنتم لا تنظرون الى المرأة الا من المنظور الجنسي» فإذا نظرت في حياتهم رأيت العجب، فرجل مثل الرئيس بوش لا يتمالك نفسه عندما يلتقي مع المستشارة الألمانية ميركل من ابداء عبارات غير لائقة، وربما مد يده الى كتفها بطريقة معينة، ما دعاها لتنبيهه بصرامة للكف عن هذه التصرفات، أما بوريس يلتسين فقد رآه العالم يمر من وراء احدى المشاركات في اجتماع دولي وأمام الكاميرات يضع اصابعه في خصرها فتقفز فزعة أمام الجميع، واذا كان هذا حال الرؤساء، وفي العلن فلا تسأل عن حال غيرهم في تلك البلاد.
ان الفارق بين تلبية نداء الغريزة بطريقة آمنة أو بأخرى فوضوية، يشبه الحصول على المال نتيجة للعمل والكدح، أو بانتشاله من جيوب المارة واقتحام البيوت الآمنة للسطو عليها، وان العقل والقانون اللذين يجرمان سرقة المال، يجرمان أيضا سرقة مستقبل الشباب والشابات الذي لايقدر بمال.