الاجواء السياسية هذه الايام تشبه التصعيد والشحن أثناء مباراة كرة قدم أوصلت بعض المشجعين الى حالة من التشنج والاعتراض على الحكم الذي احتسب ركلة جزاء لصالح فريق، فاعتبر بعض المشجعين أن هذه هي نهاية العالم، وانطلقوا يركضون في ساحة الملعب في هياج والجمهور ينظر اليهم باستغراب لزيادة جرعة الحماس عن الحد المسموح به، لهذا نقرأ عبارات الويل والثبور وعظائم الامور في موضوع - الحصانة - مر علينا مثله عشرات المرات ولم ينته العالم، ولكنها الاجواء المشحونة التي جعلت البعض يرمي بنفسه على الارض و«يرفس».. ليش، ليش؟!
الصحافة أو بعضها وجهت النفوس نحو ركن «يا غالب، يا مغلوب» ولهذا يعتبر البعض قضايا كثيرة، ليس موضوع الحصانة الا واحدا منها، هي مسألة كسر عظم واختبار قوة، حتى وان اشتملت القائمة على مسائل استراتيجية مثل انشاء محطات كهرباء ومصفاة وطائرات.. الخ، في هذه الاجواء لا يهم حجم الخسائر المليونية على البلد ولا تأخير تحديث أسطول طائرات بما يحفظ سلامة الناس، كل هذه الامور ثانوية بجانب «انتصرناااااا»، للذات وللنفس، لا للشعب ولا للاجيال ولا للقسم العظيم.
لقد أصابت «الراي» في افتتاحيتها حول اعتبار البعض أن «أولويته وقضيته هي أولوية الوطن وقضية الوطن» على خلفية موضوع الحصانة، فنحن في أجواء تتداخل معها المسائل بشكل مزمن ويتراجع فيها انكار الذات، وتعتبر كل قضية هي نهاية العالم في بلد يعيش 54 قضية قابلة للتصعيد «صحافيا» على مدار أسابيع العام، وهذا ليس من العقل في شيء.
للتوضيح، بالنسبة لمن يقرأ من خارج الكويت ويفوت عليه فهم سبب التشنج الحالي في الكويت، فقد صدر حكم رفع الحصانة من السلطة القضائية وأحالته لجنة برلمانية – التشريعية - الى المجلس، وقد تم تجاهل تلك الجهات والتركيز على وزير العدل الذي قام بالجزء الاجرائي الخاص بتقديم الطلب ونقل قرار المحكمة الى مجلس الامة، ولا معنى للاعتراض على الوسيلة وتجاهل الجهة التي اتخذت قرار رفع الحصانة، وهي القضاء، الا تعبيرنا الدارج «ابوي ما يقدر الا على أمي».
كلمة أخيرة:
حَدّثَ عبدالله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل الكعبة، والناس عليه مجتمعون: «... ثم تجيء الفتنة، فيقول المؤمن: هذه مهلكتي ثم تنكشف ثم تجيء الفتنة، فيقول المؤمن: هذه، ثم تنكشف، فمن سره منكم أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت الى الناس الذين يحب أن يأتوا اليه، ومن بايع اماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع».
[email protected]