فيصل الزامل
أعلن الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية في مجلس التعاون محمد المزروعي عن اعداد دراسة جدوى لمشروع الربط بين دول الخليج عبر شبكة قطارات تغطي مسافة الفي كيلومتر، وهي شبكة مكلفة ماليا، ولكنها مجدية اقتصاديا، اذ انك لا تقيس الجدوى بعائد بيع التذاكر، ولكن بالدورة الاقتصادية التي يحققها تدفق الحركة على المدن الخليجية التي تستثمر اليوم مئات المليارات في مشاريع البنية التحتية والمرافق الصحية والتعليمية والسياحية، ومن غير المعقول ان تنتظر هذه المدن قدوم السائح الانجليزي او الطالب الهندي، في حين ان المواطن الخليجي هو المستهلك الطبيعي لتلك الخدمات.
ان القوة الاقتصادية لدول مثل الولايات المتحدة او الاتحاد الأوروبي قد تحققت على الخلفية الاقتصادية، بينما تاهت احلام الوحدة العربية في الممرات السياسية وطموحاتها الأقرب للصوصية، واذا كنا اليوم نشجع ربط دول الخليج بشبكة القطارات، فإننا نتطلع لأن تصل تلك الشبكة الى سائر الدول العربية، فالمسيرة الناجحة لا تعرف التوقف، ولابد من ان تنتشر العدوى الصحية، مثلما حدث في السنوات الاخيرة، حينما تسابقت المدن العربية على استضافة الاستثمارات الخليجية، ليس بسبب القدرات المالية، ولكن لكفاءة التنفيذ في قطاع المشاريع الذي صار مشهودا له في عدد من مدن الخليج، ما شجع المدن العربية على التعاون مع الشركات الخليجية لإقامة المنتجعات الساحلية في مصر والمشاريع الزراعية في السودان والمجمعات السكنية في الاردن، والموانئ في المغرب.. إلخ.
ان النقل البري يتصف بالاستمرارية والحجم الكبير مقارنا بغيره من وسائل النقل، حيث يسهل نقل البضائع عبر قطارات الشحن، اضافة الى قطارات الركاب، واذا رجعنا الى التاريخ، تحديدا فترة الحرب العالمية الاولى حينما كان الضابط الانجليزي لورانس يقود ما سمي بالثورة العربية الكبرى، عام 1916، كانت بعض القبائل العربية تسير خلفه غير عالمة بأهدافه الحقيقية، يقول لورانس: «عندما وصلنا الى سكة الحديد، وفي صحراء الأردن التي يعبر منها قطار الحجاز الذي يربط اسطنبول بالمدينة المنورة، وضعت يدي على سكة الحديد وأنا أتأمل، ان التفجير الذي سنقوم به الليلة سيغير تاريخ المنطقة إلى الأبد»، وهكذا كان، حيث انفرطت السبحة بعد ذلك التفجير فقد ظنوا أنهم تخلصوا من تركيا فقط، ولكنهم لم يتوحدوا بعدها أبدا.
ان تكنولوجيا النقل بالقطارات تتقدم يوما بعد يوم، فيما يتعلق بنوعية الوقود، وهي مركزية، ليست كالسيارات، يمكن تطويعها للمستجدات في تكنولوجيا الطاقة، نأمل ان تجد طريقها الى التنفيذ، من خلال حسبة اقتصادية واستثمارية، وهي تتجاوز في عوائدها الحسبة المالية.