دعا الشيخ سعد العبدالله ـ رحمه الله ـ بعد اشهر قليلة من التحرير الى عدة لقاءات شعبية للحوار فيما حدث، كانت قدرته على تلقي النقد بصدر رحب كبيرة جدا، قلت لبطل التحرير «لقد مرت الكويت بوضع مماثل في تجربتها مع عبدالكريم قاسم وكان رد فعل الشيخ عبدالله السالم ومعالجته فعالة جدا وحققت للكويت حماية من عدوان قاسم، أنتم تأخرتم في اتخاذ الاجراءات اللازمة والمستحقة منذ ان بدأ صدام في الحشد؟».
اجاب رحمة الله عليه «الوضع مختلف، حجم الشحن الداخلي في تجربتنا يختلف عما كان عليه الحال في الماضي في حالة قاسم».
كان يشير ـ رحمه الله ـ الى تفاهم اصحاب الرأي في الكويت مع القيادة السياسية حول اولوية الامن، حينما التقوا بالشيخ عبدالله السالم الذي شرح لهم خطورة الوضع، لم يكن جوابهم «يخوفونكم، ما عليكم منهم» كما فعل المحرض قبيل الغزو، بل قالوا له «اتخذ سائر الاجراءات التي تحقق الحماية للكويت».
قال الشيخ عبدالله السالم «واذا اعتبر جمال عبد الناصر استعانتنا بالانجليز إدخالا للاستعمار إلى بلادنا؟».
قالوا «اذا تأذن لنا نذهب نحن للقائه، برفقة الشيخ جابر الأحمد، ونبين له ان هذا مطلب اهل الكويت لحماية بلدهم وليس الحاكم وحده».
وافق الشيخ عبدالله السالم، وذهب الوفد، وكان جواب عبدالناصر «اعملوا اللي فيه صالح بلدكم»، وتم تجنيب الكويت شر عدوان غاشم من حاكم ارعن، بفضل الله ثم بسبب وجود عقلاء يفرقون بين الغث والسمين، ولو حدثت المعالجة نفسها قبيل العدوان العراقي ونزلت القوات الأميركية الى الكويت لانقسم الشارع الكويتي، بقيادة المحرض نفسه وحدث ما كان الشيخ عبدالله السالم يخشاه، فالتخوين كان، ولايزال، هو الأسلوب المفضل لهذه النوعية من الناس، لقد كان الثمن باهظا ليبقى المحرض ساكتا، خسارة وطن بأكمله.
يروي (...) وهو من الشجعان الذين كانوا يعبرون الحدود الى السعودية إبان الاحتلال العراقي للكويت لنقل بعض الأسر واحيانا شخصيات لا تستطيع العبور من المراكز، طلب احدهم منه نقل واحد من تلك الشخصيات فلم يتردد، ركب ذاك الشخص مع صاحبنا وهو ملثم وجلس صامتا طوال الرحلة حتى عبر الوانيت الى الاراضي السعودية، وعندما استوت السيارة على الطريق الاسفلتي كشف «المحرض» عن وجهه.
فوجئ السائق وقال «والله لو أدري ما جبتك، وودي أن أرجع فيك للكويت».
سأله المحرض مستغربا «ليش؟».
قال «أنت وصلتنا لهذا الحال، والحين تترك الناس لمصيرهم؟».
قال «أنا واحد من عرض مجموعة».
قال «كنت أنت اللي تقود وتحرك كل شيء».
لقد كان سائق الوانيت هو أول من رفع راية المحاسبة لمن تسبب في تلك المأساة، ومع الأسف أدى تأخيرها الى تكرار مقدماتها، خلط أوراق وادخال قضية في أخرى وتشتيت تركيز إدارة الدولة وطرح الرأي وضده، وحشد من يعرف ومن لا يعرف من عموم الناس في هوجة ظاهرها الرحمة وباطنها عذاب شديد، أسأل الله أن يحمي بلدنا منه، آمين.
كلمة أخيرة: قال اللواء محمود الدوسري وهو من ابطال المقاومة ابان الاحتلال «ما اشبه الليلة بالبارحة»، تعليقا على ما يفعله المحرض، وشباب جديد استطاع ان يسحبه معه بعد ان انفض عنه جيل كامل كان يظن به الخير، حتى وقعت الكارثة، واليوم ينزلق نفر جديد ممن تجاهل القواعد الشرعية في دفع المفاسد، وزين له انغماسه المفرط تحوير المعاني واقناع النفس بهذا الخلط، ولا فائدة من يقظته المتأخرة، مثلما يحدث كل مرة، مع الاسف الشديد.
[email protected]