الدفع باتجاه حل مجلس الأمة هو أساسا مطلب لشخص واحد، استطاع أن يستدرج اليه عددا من الأشخاص بدوافع متنوعة، هذا ينظر الى «الجمع بين أكثر من راتب تقاعدي» للتفرغ - هذا الجمع غير قانوني - ولا يحق لبقية المواطنين ممارسته في بلد يقول دستوره «المواطنون سواسية» ولكن تم ترتيب (...) تلك المخالفة بفعل فاعل ما أدى إلى تحويل العضوية الى مغنم مادي عند البعض، أكثر منها رسالة تجاه وطن وشعب، ثم هناك أشخاص آخرون ينظرون الى الحل من خلال ترتيبات ـ فرعية ـ تجعل دور فلان انتهى وبعده يكون الترشيح في الدائرة الفلانية هو من نصيب مرشح جديد وعلى العضو الحالي أن يفسح الطريق بعد أن يكون قد حصل على نصيبه، وبين هذا وذاك هناك شخص مندفع لا يدري كيف صار في وسط الدائرة.
العجيب أن لغة الكلام المتداولة مختلفة تماما عن ذلك الواقع، لغة فيها حرفنة ونصوص ومواد، ثم تفاصيل بسيطة ولكنها دقيقة حول (الشرطي دزني.. و.. الخ)، ثم هناك التنقل بين قضايا لا حصر لها، بينما عين «البعض» هي على هدف محدد ومركزي يتم استخدام بعض الناس من الواقفين والمستمعين في الساحة لتحقيقه في أبشع صور الاستغلال للقضايا العامة من أجل غايات خاصة جدا.
القبيلة هي إطار اجتماعي، وإذا قمت بتوجيهه لصالح منافعي الخاصة فإنني أكون قد وظفت هذا الإطار بشكل سيئ ومن حق «بني خالد» على سبيل المثال أن يشعروا بأنني أستخدمهم وأحقق الثراء على أكتافهم، وبالمثل إذا تم تحويل ذلك الإطار الاجتماعي الى مظلة سياسية بديلة عن مظلة الدولة، ولا يعرف قيمة خسارة تلك المظلة إلا الشعوب التي تكتوي الآن بنيران الفلتان الشامل، حتى صار البعض في العراق يتحسر على أيام صدام رغم أنه يسبه ليل نهار، ولكن، ومثل ذلك في لبنان الذي يقدم فروض الطاعة لدول الجوار على أعلى مستوى، وهو حال لا يرضي الناس في لبنان اليوم، ولكن قبل سنوات كان معظم هؤلاء الناس – في لبنان – يدفع باتجاه هدم هيبة الدولة، وهذه هي النتيجة، و«السعيد من وعظ بغيره» وقال «الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به غيرنا، وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا».. آمين.
كلمة أخيرة: بعد أن تم الانتهاء من تصاميم مسجد الدولة الكبير في الثمانينيات عرض المشروع على الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد ـ يرحمه الله ـ وكان الاسم المقترح للمسجد هو «مسجد جابر الأحمد» فرفض، وأمر بتسميته «مسجد الدولة» ليس فقط لأنه بني بمال الدولة، ولكن لتكريس «مفهوم الدولة» في نفوس الجميع، تلك المظلة التي إذا أطاحت بها رياح الانتماءات المشتتة فلن يجمع الناس بعدها إطار واحد يرتضونه.
[email protected]