فيصل الزامل
نشرت الزميلة «القبس» هذه الرسالة التي كتبتها أم لابنها: «عندما أنظر الى اشراقة وجـــــهك وأنت جالس بين أشقائك ترجع بي الذاكرة الى أشهر مضت عندما كنت في أسوأ حالاتك، كنت تعاني ونحـــــن نعاني معك، كثيرا ما يتردد على مسامعي أن المدمـــن على الكحول صاحب خلق سيئ وطباع منحطة، لكـــــنني لم أجد فيك شيئا من ذلك، على العكس كنت انســـانا مبدعا وذكيا وذا أخلاق عالية، وكل من كان يجلس معك كان يشيد بأخلاقك ويهنئني عليك، وكان قلبي يتفطر ويمتلئ بالحســـــرة، ففي حالات السكر كنت تعيش أبشع صور الذل والهوان، لهـــذا فقد كان نجاحك في الاقلاع عن هذه السمـــوم سببا لإضاءة حياتي من جديد.
حبيبي،،
سأبوح لك بسر لم امتلك الشجاعة الكافية لأن أقوله لـك وجها لوجه، وهو أنني من اشد المعجبين بشخصيتك، وقد اتخذتك قدوة لي، لأنك استطعت أن تتخلى عن شيء تحبه وتعشقه، وكان جزءا لا يتجزأ من حياتك، فقط لمعرفتك بتأثيره الشديد والسيئ عليك، وهذا دليل على ارادتك القوية.. كم أنا فخورة بك.
كلمات قبل ان أبدأ بكتابتها لم أكن اعرف كيف سأكتبها، وكيف أعبر عن مشاعري، ولكن وجدت نفسي قد انجرفت وانسابت هذه الكلمات من قلبي مباشرة لتخط نفسها على ورقة حبي لك. فليحفظك الله ويسدد خطاك الى طريق الخير دائما، ولا تنس أن تكون مع الله فيكون الله معك». انتهى.
هذه الرسالة تلقاها استشاري علاج الادمان ميثم بدر الاستاذ من الام بعد انتهاء برنامج الاقلاع لابنها بنجاح، كما نفهم من الرسالة التي ختمتها بتوجيه الشكر له لمتابعته ولجهوده خلال البرنامج.
بعد نشر الرسالة تطرق طرح الاخ ميثم، الى المسائل التالية:
1 - رغم أن إدمان الكحول موجود كمشكلة اجتماعية، ورغم حاجة الكثيرين الى العون للتخلص منه، الا أن هناك تجاهلا لهذه المشكلة لأن مشكلة أخرى استجدت هي «المخدرات» وخففت الاهتمام بمعانـاة مدمني الكحول، علما أنه لا يقل ضررا عن المخدرات، فقد أشارت دراسة «منظمة الصحة العالمية» الى أن معدل حوادث السير بسبب الكحول يمثل 20% من اجمالي مسببات حوادث الطرق في الكويت، وهو معدل مرتفع يصيب بالضرر المدمن وآخرين لا علاقة لهم به.
2 - عندما يتم توقيف مدمن الكحول في الكويت لا يتم تحويله الى العلاج كما يحدث حاليا عند توقيف مدمن المخدرات، ما يفوّت الفرصة على الكثيرين للتخلص من هذه المشكلة بمساعدة متخصصين.
3 - لا يوجد حتى الآن تفريق بين المتعاطي ومدمن الكحول بسبب نقص الوعي بهذه القضية برمتها، هذا التفريق هام جدا ويؤدي الى تنظيم جهود مكافحة إدمان الكحول.
4 - اوضح «الاستشاري ميثم» بعض أعراض الادمان مثل عدم التمكن من التوقف عن التعاطي بشكل مستمر - فقدان الشعور بالنشاط والخمول عند التوقف عن التعاطي - حالة عدوانية أثناء السكر - التغيب عن العمل - التعاطي فور الاستيقاظ من غيبوبته أو نومه - الوهن والضعف البدني العام».
5 - يقول البروفيسور اندرسن اريكسون اختصاصي حالات الادمان من جامعة اومبا السويدية «تلقي الخمر غشاوة على السلوك وتولّد لدى المدمن رغبة في تدمير الذات، ومعاملة الآخرين بعدوانية تحت تأثير الخمر، والوفيات المرتبطة بالتعاطي لا تقتصر على حوادث السير».
6 - سبب ادمان الكحول لا يختلف عن سبب ادمان المخدرات وهو وجود الشخصية الادمانية في تركيبة المدمن الشخصية، ويكون هذا الاستعداد كامنا داخل الشخص قبل التعاطي بفترة كبيرة.
7 - أبرز تبريرات المدمن لتعاطي الخمر التي يوهم نفسه بها أن وضعه عادي:
- افضل طريقة لتحقيق المرح والسعادة.
- اعطاء الجرأة والثقة في النفس.
- تخفيف حدة الضغوط.
- نسيان المشاكل والهموم.
- جعل الوقت يمضي بسرعة.
- الشعور بالراحة.
- التمكن من التعبير عن المشاعر والافكار.
عرضت هموم الاستشاري ميثم وذلك لمشاركته في هذا الدور الكبير الذي يقوم به هو وجهات اختصاص يبدو أننا غفلنا عنها للاسباب التي ذكرت، مع أطيب التمنيات لهم بالنجاح في مساعدة كثيرين للحاق بابن تلك السيدة، وادخال السعادة الحقيقية الى نفوسهم، ونفوس أهليهم.